الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وحيا الله هذه الجموع المباركة، وهذه الوجوه الطيبة التي أقبلت على الله، أقبلت تريد طاعة الله حين أقبل الناس على الدنيا، وأقبلت على ذكر الله حين أدبر الناس عن هذا المنهل العذب، وأقبلوا على الغفلة واللعب، وأسأل الله الذي لا إله إلا هو كما جمعنا في هذا المكان الطاهر أن يجمعنا في دار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبعد: أيها الإخوة في الله: المصلحون في هذه الأمة والعلماء والدعاة يهتمون كثيراً بأمر المرأة، ويأتي هذا الاهتمام رداً على الحملات الشيطانية المكثفة التي يقوم بها دعاة الفساد والشر والضلال لطعن الأمة عن طريق المرأة، ولابد في مواجهة هذه الحملات من حملاتٍ وحملاتٍ؛ يبين فيها أهل العلم ما يريده أهل الفساد من شعاراتهم الزائفة، ودعواتهم المضللة التي يخدعون بها المرأة ينادون بتحريرها! والتحرير لا يكون إلا لمن هو مستعبد، لإنسان يعيش في ظل العبودية والقهر فينادى له بالتحرير.
وحينما يقولون: تحرير المرأة، مِمَّ يحررونها؟ إنهم يحررونها من عبادة ربها وخالقها لتتمرد على الله يحررونها من أعظم منزلة أنزلها الله إياها وهي منزلة العبودية؛ لأن أشرف المنازل وأعلى الدرجات هي أن تكون عبداً لله، وأن تكون المسلمة أمةً لله، لا للهوى، ولا للنزوات، ولا للشهوات، ولا للدنيا، ولا للأزياء والموديلات (تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش) المرأة في ظل الإيمان بالله تعبد الله، فينادون بشعار تحريرها مم؟! إنهم إنما يريدون بذلك تحريرها من أمرين: من عرشها ومكان عزتها وهو البيت؛ لتخرج حتى تصل إليها أعينهم الآثمة، وتمتد إليها أيديهم الملوثة، ويمسحوا بها قذاراتهم ونجاساتهم، فيقولون: نحررها من البيت.
والله قد أمرها في القرآن أن تستقر في البيت، فقال:{وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب:٣٣] هذا كلام الله، فيريدون من المرأة ألا تبقى في البيت.
ويحررونها من شيء آخر -حتى ولو خرجت- وهو: الحجاب؛ لأنها إذا جلست في البيت لم يروها، وإذا اضطرت إلى الخروج محجبةً لم يروها، فهم يريدونها أن تخرج، ويريدون مع خروجها أن تكشف حجابها.
من أجل ماذا؟ من أجل إرضاء وإرواء نزواتهم وشهواتهم.
قالوا: تحرير المرأة.
والإنسان ينخدع بهذا الشعار، ما قالوا: نحررها من عبادة الله لا، بل قالوا: نحررها من التقاليد! يسمون الإيمان والدين والقرآن تقاليد بالية عفا عليها الزمن، ويريدون أن يطوروها ويحمروها؛ من أجل أن تكون دابة يمتطوها، وتكون لعبة في أيديهم يشبعون بها رغباتهم ويمسحون بها وساخاتهم، من أجل ذلك يقوم العلماء دائماً بالتركيز على هذا الجانب، ويختارون مواضيع محاضراتهم وتأليف كتبهم للرد على كيد الضالين.
ومن هذا المنطلق -أيها الإخوة- جاء اختياري لموضوع هذه المحاضرة وهو:(توجيهات للمرأة المسلمة).
وهذه التوجيهات وإن كنا نخاطب بها المرأة إلا أن المخاطب بها الزوج؛ لأنها لا تستطيع هي بنفسها أن تنفذ هذه التوجيهات إلا بمعونة الزوج، لأنهما شريكان في المسئولية أمام الله عز وجل، والله عز وجل قد بين أن المرأة مخلوقة من نفس الرجل، يقول عز وجل:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم:٢١] فالمرأة مخلوقة من نفس الرجل؛ ولذا لا يمكن أن تستقل هي بتوجيهات الله وأوامره والسير على صراطه إلا بمعونة من الرجل.