للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة أنهار الجنة]

وإن سألت عن أنهارها -أنهار الجنة- فكل رجل من أهل الجنة أو امرأة من أهل الجنة يجري من تحت بيته أربعة أنهار {أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد:١٥] الماء إذا ركد تعفن وأسن، لكن أنهار الجنة لا تأسن.

{وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد:١٥] اللبن في أول يوم يكون طعمه طيباً، وفي ثاني يوم يحمض، وفي ثالث يوم يزداد حموضة، وبعد أسبوع تنتهي صلاحيته، أما أنهار الجنة فلا يتغير طعمها.

{وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد:١٥] ليس كخمر الدنيا؛ فخمر الدنيا يعطل العقل ويضيع اللب، ويحول الإنسان إلى حيوان، يقول الناظم ابن الوردي في لاميته:

واترك الخمرة لا تشربها كيف يسعى في جنونٍ من عقل؟

شخص عاقل يأخذ له شيئاً يجعله مجنوناً يركب على ابنته وعلى أمه وعلى أخته!! من هذا الإنسان؟! هذا ليس بإنسان، ولهذا سميت الخمر: أم الخبائث -والعياذ بالله- وهي من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات -نعوذ بالله وإياكم منها-.

{وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً} [محمد:١٥] وقد لا يفهم عقلك هذا النهر؛ لأنك ما تعودت في الدنيا إلا أن ترى نتفاً بسيطة من العسل، يقول أحد الإخوة: ما شبعنا في العسل غماس، فكيف بأنهار من تحت بيتك؟! لكن {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:٢١].