فتبدأ نهار رمضان بالإشراقة النفسية والرغبة في التوبة، وبعد ذلك تخرج إلى المسجد مبكراً بمجرد تناولك طعام السحور لكي تقرأ ما يسر الله من التلاوة قبل الصلاة.
وبعد الصلاة إن كنت موظفاً أو طالباً فليس هناك مانع من أن تعود إلى البيت لتنام حتى توفر لك جزءاً من الوقت أكثر؛ لأنك ربما ما نمت في الليل، فتنام من بعد صلاة الفجر، أما إذا كنت غير موظف وليس عندك دوام ولا شيء؛ فإن الأولى لك أن تجلس في المسجد تذكر الله وتقرأ القرآن ثم تصلي ركعتي الإشراق، ثم تذهب إلى البيت وتنام، خصوصاً إذا كنت تاجراً أو صاحب عمل، أما الطالب والمدرس والموظف فإذا أراد أن يجلس فهذا خير، وإن تعذر عليه لضيق الوقت ولرغبته في استغلال أكبر قدر من النوم، فلا مانع من أن يعود إلى بيته وينام إلى الساعة العاشرة إلا ربع؛ لأن الدوام سيكون الساعة العاشرة بمعنى قبل الدوام بربع ساعة يجب أن تقوم وتتوضأ وتتهيأ، إن أمكنك أن تصلي ركعتي الضحى فهذا طيب، وإلا فتذهب إلى مدرستك أو إلى عملك أو إلى وظيفتك وتستمر إلى أذان الظهر.
وبعد ذلك أثناء العمل تمسك لسانك، ليعرف الناس أنك صائم، لا تتكلم غيبة ولا نميمة، وكلما جرك زملاؤك إلى شيء مما كنت عليه في الماضي قل: اللهم إني صائم، تخلق بأخلاق الصُّوَام، إلى أن يأتي الظهر فإذا أذن فبمجرد سماع الأذان اترك عملك واذهب إلى المسجد وخذ المصحف، وطبعاً يجب أن يكون لك مصحف من أول رمضان تقرأ فيه القرآن، ويجب أن تختم القرآن أقل شيء في كل ثلاثة أيام مرة، يعني: تقرأ في كل يوم أقل شيء عشرة أجزاء، كان السلف يختمون القرآن ستين مرة، يعني: يختمون ختمة في الليل وختمة في النهار، وكانوا يعطلون كل جلساتهم وعلومهم وكل أشغالهم ويتفرغون للقرآن؛ لأنه شهر القرآن:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة:١٨٥] لكن بحكم عدم تفرغنا نحن فلا مانع أن نختم في كل رمضان عشر مرات، يعني في كل ثلاثة أيام مرة، وهناك تقسيم آخر لأحد الإخوان يقول: تقرأ بعد كل فرض جزأين أو قبله كما تريد، تقرأ جزأين بعد الفجر أو قبله، بعد الظهر أو قبله، بعد العصر أو قبله، بعد المغرب أو قبله، بعد العشاء أو قبله لابد أن تقرأ جزأين في خمس صلوات في رمضان تختم عشر مرات كتاب الله عز وجل، وهذا فضل عظيم، ثم بعد ذلك تصلي مع الجماعة في المسجد وتعود من الصلاة إلى مواصلة عملك إلى أن ينتهي النهار والدوام، ثم تعود إلى المسجد وتصلي في المسجد مع الجماعة وتجلس تقرأ القرآن في المسجد إلى المغرب، فلا داعي أن تذهب إلى البيت أو السوق؛ السوق هذا لا تنزل فيه إلا لغرض ضروري جداً تأخذ غرضك وتمشي، اجلس في المسجد اقرأ إلى أن تغرب الشمس ثم اذهب إلى بيتك ونبه على زوجتك على ألا تقدم أي نوع من الطعام إلا التمر فقط، فكل تمرات وتراً ثلاث أو خمس أو سبع تمرات، ثم اشرب عليها فنجان قهوة أو فنجان ماء، واذهب إلى المسجد مبكراً وصل المغرب، وبعد صلاة المغرب عد إلى بيتك وتناول طعام العشاء الخفيف الذي لا ترهق فيه بطنك ولا معدتك، وإنما تلبي فيه احتياجك بقدر الضرورة؛ لأن الأطباء يقولون: إن الحاجة في الطعام للثلث فقط، وإذا ترست الثلثين فالبقية كله يحول إلا أجزاء المعدة وإلى الهضم من أجل يخرج فضلات، فما دام أنه يخرج فضلات فاجعله في الثلاجة يا أخي، لماذا تحمل نفسك وتقعد تكظمه وتهضمه وبعد ذلك يذهب في الخلاء، وما استفدت منه شيئاً؛ لأنه لا يستفيد جسمك أبداً إلا من ثلث بطنك، وإلا لو تتصورون إن الإنسان يستفيد من كل الطعام الذي يأكله كان الشخص منا ليس مثلنا الآن كان مثل (القصبة)، كم أكل من يوم خلق وهو يأكل (تيوس وخرفان وغزلان ودجاج وسمك) أين هي؟ ليس هناك شيء، إنما الثلث فقط يذهب غذاء لجسمك والباقي يحول إلى فضلات، فكل بالثلث فقط، وما علامة الثلث؟ لأن بعضهم لا يأكل إلا بالثلث قلت: ما العلامة؟ قال: إذا (ترغت) من هنا، إذا امتلأ (التانكي) قال: غلق الثلث، يعني: عبا الثلاثة الأثلاث حتى الهواء فلا يوجد، فالهواء يخرج من رقبته، لا.
علامة الثلث أن تشعر بأنك لا تزال جائعاً، هذا معناه أن الثلث عندك اكتفى، إذا شعرت أنك لا زلت محتاجاً إلى الطعام فمعنى هذا أنه امتلأ الثلث عندك، أما إذا شبعت فقد امتلأت الثلاثة الأثلاث كلها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجال:(نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع) يعني: يقوم قبل أن يشبع، فقم قبل أن تشبع من الطعام، وبعد ذلك تقوم إلى المسجد، وابحث عن إمام يؤدي الصلاة بتؤدة وخشوع، وبطول قراءة وقنوت، تبحث عن إمام تطمئن إلى قراءته، وإلى إنسان يطول القراءة ويعطي القراءة حقها من التجويد والترتيل والإطالة والركوع والسجود، حتى تعرف أنك في رمضان، أنت في رمضان ما أنت في لعب، فتصلي معه، وتأتي قبل الأذان في الصف الأول، وتأخذ مصحفك وتقرأ إلى أن يصلي العشاء والتراويح.