أول خطوة: تصحيح الماضي: حتى نربط بين ما قيل وبين ما سيقال، حتى لا يفوت الإخوة الذين جاءوا شيئاً نقول: إن طريق الجنة طريق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة عبر أربع مسارات، مسارين موجبين للجنة، ومسارين في عكس الاتجاه مانعين من الجنة ومؤديين إلى النار، وقبل السير هناك ثلاث خطوات يجب أن يتخذها الإنسان وهي: أن الإنسان بين ماض ومستقبل وحاضر أليس كذلك؟ هل في الزمن شيء غير الماضي والحاضر الذي فيه الإنسان والمستقبل؟ لا يوجد شيء غير هذا.
ما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها
فالماضي: حياتك التي أمضيتها في السابق المملوءة بما ملئت به من خير أو شر، إذا أردت السير في طريق الله عز وجل فينبغي قبل كل شيء أن تصحح الماضي، ومن رحمة الله تبارك وتعالى أن جعل تصحيح الماضي من أيسر السبل ومن أسهل الإمكانات، ولا يكلف الإنسان شيئاً أبداً إلا عملاً لسانياً وعملاً قلبياً: فالعمل القلبي: وهو العزم على التوبة.
والعمل اللساني: وهو أستغفر الله وأتوب إليه هل يعجز الواحد أن يستغفر ويتوب من المعاصي من الجرائم من الذنوب من الزنا من الخمور من اللواط من الغناء من الفجور من أي عمل قد عملت من الشرك من قطع الصلاة، أي مهلكة أي جريمة؟ الله يقول:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}[الزمر:٥٣ - ٥٤] فإذا أناب الإنسان إلى الله، وأسلم لله، ووجه وجهه إلى مولاه، فإن الماضي كله يغفر:{فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}[الفرقان:٧٠].
فهل في الاستغفار وتصحيح الماضي فيه صعوبة؟ لا.
لا يوجد أحد يقول: لا والله لا أستطيع أن أستغفر، إلا إذا كان لا يريد أن يستغفر ويظل عاصياً، ويريد أن يبقى عدواً لنفسه عدواً لدينه عدواً لرسوله عدواً لكتابه عدواً لمولاه هذا هالك خاسر لا خير فيه، لا تحزن عليه واتركه، لا تتصور أنه يعادي الناس أو يعادي القبيلة بل إنه يعادي نفسه فيهلكها ويوردها موارد الدمار، يوردها في النار، ثم يقول:{وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:١٢٧ - ١٢٨]{فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ * نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}[لقمان:٢٣ - ٢٤]{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر:٣]{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}[الزخرف:٨٣].