أيها الإخوان! إذا كان الله يحرص علينا هذا الحرص العظيم، إلى درجة أن امرأتك إذا لبست الزينة أو الخلخال أو الذهب أو الحجاب أو الأساور إذا مشت في الشارع فحرام عليها أن تضرب برجلها، أو تقلقل حليها؛ لأن القلقلة هذه تفتن فهي حرام، فكيف إذا معها حلي في وسطها ورقبتها، ويدها، ثم جاءت وهي كاشفة سافرة تشاهد الرجال وتجلس معهم أين الإسلام والإيمان؟ وإذا جاءهم واعظ، أو رجل صالح قالوا: اسكت، زوجتي طاهرة، نحن ملائكة نزلنا من السماء ما عندنا شهوة، ولا نريد النساء ولا الرجال!! هل قلبها أطهر من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؟ هل قلب هذا الرجل أطهر من قلب الرسول عليه الصلاة والسلام؟! إن أمر الحجاب أول ما نزل على رسول الله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ}[الأحزاب:٥٩] خطاب خاص للنبي {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ}[الأحزاب:٥٩] قل لمن؟ {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ}[الأحزاب:٥٩] أول شيء، هل لأن أزواج النبي فيهن فتنة؟ لا، والله! حاشا لله؛ أمهات المؤمنين طاهرات مطهرات {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}[الأحزاب:٥٩].
أما المنافقون الذين يصطادون في الماء العكر، ويتقلبون في السفور والتبرج؛ لأنه لا يريد التبرج إلا من يريد أن يتلفت في نساء الناس، يدري ويعلم أن النساء إذا التزمن بالحجاب، وكلف الرجال نساءهم بالحجاب خسر الصفقة، ولن توجد نساء يستطيع أن يقعد إليهن، بعضهم لا يرتاح إلا مع النساء، والجلسة التي تنقصها النساء جلسة كئيبة.
فهذا المنافق الذي في قلبه مرض إذا سمع أن هناك حجاباً، أو أن الجماعة تواصوا وتجمعوا وقرروا: أنه يجب أن ننفذ أمر الله فينا، والذي لا ينفذ هذا الأمر فليس منا.
مثلما فعلت بعض القرى في بعض المناطق فيقول أهل المنطقة: لما جاءهم الأمر اجتمع أولوا النهي، وكبار الجماعة، والأعيان وقالوا: نحن كنا نجهل أمر الله، والآن عرفنا أمر الله عز وجل، هذا كلام الله مثل الشمس في رابعة النهار، ما رأيكم ننفذ أم لا؟ إن كنا مؤمنين نفذنا، وإن كنا كذابين لا ننفذ، فقرروا أن ينفذوا، وعزموا وقالوا: من لا يأمر زوجته أن تتغطى وأن تحتشم ليس منا، لا نضيف ضيفه، ولا نبيع عليه، إذا أراد أن يشتري من دكان في القرية لا نبيع له، وإذا جاورته في سيارة من سيارات القرية التي تذهب البلد أو تذهب المركز نقول: لا تركب أنت؛ لأن امرأتك مكشفة، وإذا مرض لا نزوره، وإذا مات لا نتبع جنازته، نقاطعة ولا نكلمه حتى يغطي امرأته.
لعل قائلاً من الناس يقول: إن زوجاتنا غير زوجاتكم في المدن، أنتم في المدن عندكم الماء والإمكانات، ونحن في قرية محتاجون إلى خروج الزوجة إلى الزرع، لكي تأتي بالعلف وبالماء وأغراض البيت، نقول لكم: إن الإسلام لم يحرم على المرأة المؤمنة أن تساعد زوجها في خدمة بيته وبيتها، ولكن بشروط شرعية، فإذا أرادت المرأة أن تخرج إلى الماء فعليها أن تلتزم الشروط الشرعية: أولاً: أن تحتجب، ما يمنعها من الحجاب؟ تأخذ لها (شيلتين) واحدة خفيفة وأخرى ثقيلة، والخفيفة من تحت، والثقيلة من فوق، ولا تخرج إلا وقد لبست أردى ثيابها، ما تأخذ الثوب المزركش، بل تلبس أردى ثيابها، ولا تأخذ معها عطراً، فإذا أمنت وهي في طريقها إلى البئر أو البستان أو الزرع تلفتت يميناً أو يساراً فإذا لم ترَ أحداً فتحت الغطاء الثقيل وأبقت على وجهها الخفيفة التي تمكنها من الرؤية، ولو شاهدها شخص بعيد لا يراها، فإذا سمعت أو رأت أحداً تنزل الثانية.
ما الذي يمنعها، ما يمنعها؟ من هذا شيء إلا النفاق وحب التبرج والمعصية؛ لأن بعض النساء تقول: أنا أخاف أن أسقط في البئر إذا تحجبت، لن تسقطي في البئر أبداً، بل إنك لو سقطت في البئر لكنت شهيدة، ولكن إذا كشفت فإنك ستسقطين في آبار عظيمة، في آبار جهنم، عمق البئر سبعين سنة، ومن يستطيع أن يخرج منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فعليها.
أولاً: أن تأخذ ثوباً رديئاً، وشيلة متينة، ثم إذا خرجت تختار الوقت المناسب الذي لا يكون فيه رجال، إما مع الفجر، أو بعد المغرب معها شخص من أهلها، أو في الظهيرة إذا كان الناس منشغلون بالطعام، لا تخرج في العصر، لا تخرج في وقت تجمع الرجال وخروجهم، ثم إذا خرجت إلى البئر أو إلى الزرع وصادفت أن قابلها رجل، ماذا تعمل؟ إذا قابلها رجل فإن كان هناك طريق غير الطريق الذي يقابلها فيه فتفر عنه، تجعل طريق الرجل له وتمشي في طريق لوحدها، وإن كان لا يوجد إلا تلك الطريق فإنها تمشي على حياء، فإذا قربت منه تلتصق بالجدار، ولا يجوز له أن يسلم عليها.