أيها الإخوة في الله: يستقبل المسلمون ضيفاً كريماً، وغائباً عزيزاً، طالما انتظروه بقلوبٍ مفعمةٍ بالشوق حينما يستقبلونه، وبالحزن والأسى والندم حينما يودعونه، ضيفٌ إذا جاء أقبل معه الخير، وجاءت معه البركات من كل جانب، شهرٌ عظيم يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم:(أتاكم شهر رمضان، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار) ينادي منادٍ في أول ليلة من لياليه: (يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر) تفتح فيه أبواب الجنة فلا يغلق منها باب، مفتوحة على مصاريعها، إنها فرصة عظيمة لمن يريد أن يعود إلى الله، وتغلق فيه أبواب النيران فلا يفتح منها باب، وتغل فيه مردة الشياطين فلا يخلصون إلى شيء مما كانوا يخلصون إليه في غير رمضان.
يضاعف الله فيه الحسنات، من عمل فيه حسنة كان كمن عمل ألف حسنة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، يغفر الله عز وجل في كل ليلة لعددٍ عظيم من الخلق، كلهم قد استوجبوا النار، وهو موسم لا ينبغي للمتاجر مع الله أن يدعه.