أعظم ما يُذكر الله به هو القرآن الكريم الذي اجتمعنا هذه الليلة بسببه، القرآن الكريم الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت:٤٢] القرآن العظيم الذي يقول الله عز وجل فيه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا}[الشورى:٥٢] فسمى الله هذا القرآن روحاً، وكأن هذه الأمة جسد، وهذا الروح هو الذي إذا دخل فيها أحياها، وإذا خرج منها فهي ميتة، وهذه هي الحقيقة أيها الإخوة! إن الأمة الإسلامية إذا عاشت على روحها دبت فيها الحياة، وإن عاشت على غير روحها دب فيها الموت، وهاهي اليوم تدب فيها الحياة فتحيا، ويوم أن كانت ليس فيها حياة بالقرآن فهي ميتة:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}[الشورى:٥٢ - ٥٣].
وسمى الله هذا القرآن: نوراً، وقال فيه:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}[المائدة:١٥].
وسماه الله عز وجل: هدى قال تبارك وتعالى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة:٢].
وأخبرنا أنه يهدي، فقال:{يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}[الزخرف:٦٨] من هم؟ {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}[الزخرف:٦٩ - ٧٠].
وأخبر الله أن القرآن يهدي للتي هي أقوم فقال:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء:٩] وهنا (أَقْوَمُ) أفعل التفضيل يعني: هدى الله بهذا القرآن إلى أعظم العقائد وإلى أعظم العبادات وأعظم الشرائع وأعظم الأخلاق وأعظم النظم، فكل ما هدى إليه القرآن فهو أعظم ما يمكن أن تصل إليه البشرية، في كل نظام وأمر ونهي يهدي للتي هي أقوم:{وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}[الإسراء:٩].