للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم النظر إلى المحاسن والتركيز على الأخطاء]

كذلك من الأسباب: عدم النظر إلى المحاسن، وتركيز النظر إلى الأخطاء فقط يفتح الرجل عينه على ما يحدث من خلل في المرأة، وهي تفتح عينها على ما يبدو من أخطاء أو سلبيات في الرجل، أما المحاسن فتهملها، وهو أيضاً يهملها، وبالتالي لا يرى إلا الشيء السيئ؛ فيتولد عن هذا كراهية للمرأة، وهذا مخالف للعدل، ومخالف للشرع، يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في صحيح البخاري: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة -أي: لا يبغض مؤمن مؤمنة- إن كره منها خلقاً رضي منها آخر) هذا أمر بالتوازن والاعتدال في النظر، إذا نظرت إلى المرأة انظر إليها بميزان العدل، وإذا رأيت منها خلقاً سيئاً فانظر للخلق الطيب الذي فيها، فإنك إذا وضعت الحسنات بجوار السيئات ضاعت السيئات، أما إذا ألغيت الحسنات وضخمت السيئات ولم تر إلا السوء، وكذلك المرأة تنسى حسنات زوجها ولا ترى إلا السوء؛ استمر هذا السوء يكبر في نظرك، واستمر السوء يكبر في نظرها حتى يتولد منها البغضاء والكراهية والشحناء وبالتالي تسوء الحياة والعشرة الزوجية، فينبغي أن تنظر إلى المرأة وإلى محاسنها أولاً تنظر إلى أنها حافظة لعرضك جاء رجل يشكي امرأته إلى عمر بن الخطاب، فطرق الباب وإذا بزوجة عمر تتكلم على عمر، وعمر أمير المؤمنين، الرجل القوي الذي كانت الجن تهابه، الشيطان يمشي في طريق آخر إذا مشى عمر في طريق، وهذه المرأة لسانها حاد على أمير المؤمنين، والرجل جاء يريد أن يشتكي زوجته؛ لأنها كانت بذيئة اللسان، فلما سمع كلامها على أمير المؤمنين، وفتح الباب عمر وإذا بالرجل قد ولى، فدعاه وقال: [تعال ماذا بك؟ قال: لا شيء يا أمير المؤمنين، قال له: ما أتيت إلا لحاجة هات حاجتك، قال: يا أمير المؤمنين! جئت أشكو زوجتي إليك من بذاءة لسانها، فسمعت زوجتك تقول لك أكثر مما تقول زوجتي لي، فقلت: لي بأمير المؤمنين أسوة -يقول: لست بأحسن منك، سأصبر عليها- فقال له عمر رضي الله عنه: أما يرضيك أنها طاهية طعامي، وغاسلة ثوبي، ومربية ولدي، وقاضية حاجتي؟] أليست هذه حسنات للمرأة؟ من الذي يغسل ثوبك؟ من الذي يكنس بيتك؟ من يربي ولدك؟ من يقضي حاجتك الجنسية والطبيعية فيك إلا زوجتك؟ هذه رقيق في بيتك، ثم إذا حصل منها غلطة واحدة تلغي كل هذه الحسنات وتضخم هذا الخطأ!! يا أخي! غض الطرف عنها، سامحها فيه، انظر إلى حسناتها، هكذا ينبغي -أيها الإخوة- لأن المشاكل تنتهي، أما إذا جلست تحد النظر وتركز؛ فإن الأسرة سرعان ما تتهدم.

أذكر مرة من المرات وأنا في أبها جاءني رجل بعد صلاة المغرب وأنا في المسجد، فقال لي: يا شيخ! أفتني، قلت: ماذا عندك؟ قال: طلقت زوجتي ثلاثاً، قلت: لِمَ؟ وما الذي حصل؟ قال: أنا موظف عُزمت على الغداء في السودة مع زملائي، وأردت أن أخبرها في البيت أني معزوم فكرهت أن أخبرها؛ لأني لو أخبرتها لم تطبخ الطعام لأولادها، والمرأة من بالغ اهتمامها بزوجها إذا كان زوجها عندها تطبخ طعاماً جيداً، وإذا عرفت أنه معزوم، أو ذهب إلى أي مكان تعمل أي شيء، ليس مثل بعض النساء، إذا كان زوجها غائباً عملت أحسن طبخ، وقالت: خلينا نشبع اليوم، الزوج غائب، وإذا هو موجود عملت له أي شيء، لكن هذه امرأة صالحة، ولكن الرجل أخطأ، انتهى الدوام ولم يخبرها، على الأقل يجعلها تطبخ وقبل الدوام يقول لها وهي قد طبخت، تغدوا أنا معزوم، لكن الرجل نسي وركب سيارته مع زملائه، وذهب إلى السودة، وتغدى، وتمشى إلى غروب الشمس، والمسكينة في البيت انتظرت إلى أن انتهى الدوام ولم يأت بخبر، قامت الاحتمالات في رأسها لماذا الرجل لم يأتِ؟ يمكن حصل خلاف، أو حادث مروري، يمكن مرض، يمكن بالمستشفى، اتصلت بالشرطة، تسأل دوائر المرور، تسأل المستشفيات، أذن المغرب، لم تتغدَّ قال لها أولادها: وهي في غاية القلق، والرجل يتمشى ويتغدى، وليس مهتماً بها، فجاء ودخل البيت، ولما دخل كانت مغضبة، قال لها: السلام عليكم، فردت عليه بأسلوب جاف وقالت: وعليكم السلام، ثم جلس وهو غضبان وهي غضبانة، ويريد هو أي شيء يثير الغضب، فنظر في المجلس -هو الذي يخبرني هكذا- فإذا به يرى قطعة مرمية في المجلس فقال: لماذا ما كنستي المجلس؟ قالت: ما شاء الله عليك، عجيب والله ما قصرت! تحاسبنا على أننا قصرنا وما كنسنا المجلس ولا تحاسب نفسك أنك جالس من الصباح إلى الآن، لم تعلم أن معك عيالاً وأهلاً ولا اتصلت، قال: وما دخلك، أنا موظف عندكِ لازم عليَّ أن أستأذن منك؟! قالت: لا.

أنا في بيتك، أنا أم أولادك، كلمني أنك لن تأتي، نحن إلى الآن لم نتغدَّ، اتق الله، قال: أبداً ما لكِ دخل، قالت: إلا المهم كلمة منها وكلمة منه، ثم قام ولطمها ولطمته، كلمة بكلمة، ولطمة بلطمة، يركلها برجله، وتركله برجلها، ثم ماذا بقي عنده؟ بقي عنده (السلاح النووي) الذي لا يوجد معها وهو الطلاق وطلقها ثلاثاً، من أجل ماذا؟ من أجل قشة.