يقول الله عز وجل:{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف:٤٣ - ٤٤] فالله عز وجل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم والأمر عام للأمة بالتمسك بل: (استمسك) الفعل هنا مبني بالمزيد ليس مبنياً من الثلاثي ولا من السداسي (استمسك) والزيادة في المبنى تدل على الأصالة والعمق والقوة في المعنى: (استمسك) أي: بكل ما أوتيت (بالذي أوحي إليك) أي: بالقرآن الكريم.
والله عز وجل يقول في القرآن الكريم أنه مثبت، يقول:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}[الفرقان:٣٢] فهو مثبت لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، ومثبت لفؤاد كل مسلم من بعده إلى يوم القيامة، وما علمنا أن رجلاً اعتصم بكتاب الله وعاش مع القرآن وأضله الله أبداً، اعتصم بالقرآن والله عز وجل يحميك من الضلال، وتثبت على الإيمان حتى تلقى الله تبارك وتعالى، هذا أعظم مثبِّت، والاعتصام بكتاب الله يكون بالتالي: أولاً: تلاوةً، ثم تدبراً، ثم عملاً وتطبيقاً؛ لأن التلاوة هي سبيل التدبر، والتدبر هو طريق العمل، والعمل هو الهدف من القرآن، فالله لم ينزل القرآن ليتلى وإنما أنزله ليطبق في عالم الناس:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[ص:٢٩] فتتلو كتاب الله كما أنزل تلاوة شرعية: {وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}[المزمل:٤] الترتيل يقول فيه علي رضي الله عنه هو: [إخراج الحروف ومعرفة الوقوف] يعني: أحكام التجويد، إذا ضبطت أحكام التجويد صرت تالياً مع السفرة الكرام البررة مع الملائكة، لك فضل عظيم عند الله عز وجل.
تلاوة ثم تدبر أي: تفهم لمراد الله عز وجل من هذا الكلام الذي وجهه إليك، وهذا بالرجوع إلى كتب التفسير المعتبرة، وأفضل ما ندل الشباب عليه خصوصاً المبتدئين كتاب أيسر التفاسير للشيخ/ أبي بكر الجزائري، وهو كتاب عظيم ألِّف بأسلوب عصري يشتمل على الآيات، ثم يأتي بعدها بمعاني الكلمات، ثم يأتي بالمعنى الإجمالي للآيات، ثم يأتي بالهداية التي هدت إليها هذه الآية -أي: الأحكام المستفادة من هذه الآيات- بأسلوب موجز فيه صفاء ووضوح ورقة وجذب للقارئ، وهذا من أعظم الكتب، وقد قرأت فيه وسررت كثيراً بما فيه.