[نصيحة لمن يغالي في المهور]
السؤال
بعض الآباء يشدد على بناته في شأن الزواج ويرفض من يتقدم للخطبة، ويطلب طلبات تثقل المتقدم، فرج الله كربك يا شيخ، نرجو منك تعليقاً لطيفاً في غاية الحسن على هذه المشكلة؟
الجواب
وأنت فرج الله كربك أيها الشاب، وزوجك بنتاً صالحة إن شاء الله قريباً، ونقول في تعليقنا للآباء: اتقوا الله في فتياتكم، اتقوا الله في بناتكم وفلذات أكبادكم، ابنتك يا أخي قطعة منك، فلذة كبدك، ما هي بأمة عندك تبيعها وتشتريها، أو سلعة تأخذ فيها أعلى سعر، ولا أرضية ولا سيارة، هذه جزء منك، إذا كنت تبحث حقاً عن كرامتها وسعادتها فزوجها، فسعادتها والله مع الزوج، فوالله لو عملت لها قصراً عشرين دوراً، وصنعت لها غرفة عشرة في عشرة، وجعلتها تنام على الحرير والذهب فإنها في عذاب، ولو أعطيتها زوجاً ونامت معه على الحصير فإنها في نعيم، لأن الله يقول: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:٢١].
فيا من في قلبه إيمان ورحمة ورأفة على بنته زوجها، وإذا لم يأتك الخاطب فابحث لها أنت عن خاطب، وقد أخبرني أحد المشايخ عن رجل صالح في الرياض -رجل موفق نسأل الله أن يوفقه في الدنيا والآخرة- عنده ثلاث فتيات تخرجن مدرسات، ولم يأته أحد لخطبتهن، فذهب إلى المسجد واختار لهن ثلاثة من خيرة الشباب، ومسك كل واحدٍ منهم على حدة، وقال: تعال تريد تتزوج؟ قال: أين هي فقط؟ قال: تعال، فأخذه معه وأدخله المجلس، وأخذ الكبيرة وأدخله عليها وقال: هذا يريد أن يتزوجك فهل تقبلينه؟ فنظرت إليه ونظر إليها، قالت: نعم.
وقال هو: نعم.
فقال: حياك الله، غداً تأتيني أنت وأبوك وإخوانك، لا تأتيني بأحد غيرهم، جدك وخالك وولد عمك وعم عمك وجيرانك وجماعتك لا أريدهم، أريد فقط ثلاثة أو أربعة.
ثم ذهب، وفي المغرب جاء بثانٍ من الشباب الذين قد ضبطهم في ذهنه، وأراه الثانية وقال له: حياك الله في الغد أنت وأبوك وإخوانك.
ثم بالثالث في العشاء وقال له مثلما قال لصاحبيه، وبعد مغرب يوم الغد جاءوه الثلاثة ومعهم آباؤهم وإخوانهم للعقد، فطلب من كل واحد منهم مبلغاً زهيداً من المال، وعشاهم بكبش واحد فقط، وبعد ما انتهوا دعا الكبير وقال: أين سيارتك؟ ثم قال: يا فلانة اصعدي، وقال: هذه امرأتك اذهبوا وحياكم الله على الغداء في الغد، والثاني كذلك، والثالث كذلك.
وفي الغداء تغدوا عند الرجل، ثم ذهبت كل واحدة مع زوجها، فما رأيكم بهذا العمل؟! هل نستطيع أن نعمل مثله؟ بعض الناس إذا أراد تزويج ابنته عمل قضية كبيرة لا تنحل إلا بسبعين عقدة، فأول شيء لا يريد تزويجها إلا على من يملك راتباً كبيراً، وإذا رأى أنه مبتلى بالزواج، قال: ائت لنا بأبيك وجدك، وبعد ذلك الجلسة الأولى للتفاهم، والجلسة الثانية لأخذ موعد، والجلسة الثالثة للعقد، والجلسة الرابعة للمشاورة في شئون العرس وهل سيكون في فندق فخم أم في صالة أفراح عظيمة، ومن المدعوين، وكم الكروت ونوعيتها، وكيف الشكل، سبحان الله!! فما تخرج هذه البنت حتى تخرج روح زوجها.
هذا من التعقيد الذي ما أنزل الله به من سلطان، نحن نقص هذه القصص لتكون عبرة للناس من أهل العقول الذين يسعون في سبيل سعادة بناتهم؛ لأن الأب لما يزوج بهذا الأسلوب يريح ويرتاح، لكن بعض الآباء يشغل نفسه، تراه أسبوعاً يطلع، وينزل، والخيام، والكراسي، والدعوات، والذبائح، والقدور، والصحون، والأكياس، وبعد ذلك يأخذون ابنته ويتركونه هو والكراسي.
أكتفي بهذا القدر، وأسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعل فيما سمعنا بركة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.