ثامناً: التجديد والفقه في عمل الدعوة وزمنه ومكانه وأسلوبه، والتخطيط له، وكيف تمارسه، وعدم الجدال فيه، وأن يبدأ الإنسان دائماً بالترغيب -فمثلاً- شخص لا يصلي، تبدأ بترغيبه في فعل الصلاة، وأثر الصلاة في حياته: أن الصلاة نور، وأن الصلاة بركة، وأن الصلاة هداية، وأنها صلة يبن العبد وبين الله:(بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة) هذا اسمه ترغيب، فدائماً تبدأ به؛ لأن النفوس جبلت على حب المنافع، فعندما تقول لشخص: سوف أفعل لك وأعطيك، حتى ولدك في البيت، عندما تريده أن يفعل شيئاً تقول: افعل وأعطيك كذا، تراه يقوم بالعمل بنشاط، كذلك أنت عندما تدعو رغب الناس فيما عند الله، وأيضاً رهبه واقمعه من أجل ألا يرجع.
وهكذا -أيها الأحباب- بين الترغيب وبين الترهيب، ولهذا سمي القرآن مثاني، القرآن كله مثاني، لماذا مثاني؟ دائماً يذكر الله الجنة ويذكر النار؛ من أجل الذي لا ينفع فيه الترغيب ينفع فيه الترهيب وهكذا، فينبغي أن يكون هذا أسلوبك، بعد أن تعطي لكل مقام ما يناسبه من المقال، موضع اللين لا تضع فيه إلا اللين، موضع الشدة ضع فيه الشدة، موضع الكلام ضع فيه الكلام، موضع السكوت ضع فيه السكوت، هذا معنى الحكمة:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ}[النحل:١٢٥] والحكمة هي: وضع الشيء في موضعه، الحكيم هو الطبيب، وسمي الطبيب حكيماً؛ لأنه يضع الدواء المناسب في المرض المناسب، ويضع دواء العين في العين، لكن الذي ليس بطبيب تجده يضع دواء الأذن في العين ويعميها، وهو دواء لكنه لم يضعه في المكان المناسب، كذلك الداعية قد يأتي بالعنف في مكان اللين، وقد يأتي باللين في مكان يحتاج إلى العنف، وقد يأتي إلى الدعوة الجهرية في المكان الذي تحتاج فيه إلى السرية، وقد يأتي بشيء في غير موضعه، ولذا لا بد من معرفة العمل الدعوي، ومعرفة أسلوبه وطريقته وزمانه ومكانه وما يناسبه، وما يضر فيه، حتى يحقق الله عز وجل على يدك -أيها الداعية- كل خير ومصلحة.