[ظهور ثمرة الهداية، وآثار الكفر في الدنيا قبل الآخرة]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فأسعد الله أوقاتكم، وجمعنا وإياكم على الهدى في هذه الدار، وعلى النعيم المقيم في الدار الآخرة.
أيها الأحبة في الله: يخطئ كثير من البسطاء أصحاب النظرة القصيرة الذين لا تتجاوز أبصارهم مواقع أقدامهم، والذين لم يعرفوا هذه الحياة ولا الدار الآخرة، ولا عرفوا ربهم، ولا دينهم، ولا حقيقة أنفسهم ووجودهم، وترتب على هذا الجهل المتراكم الأخطاء في النتائج؛ لأن النتائج تأتي وليدة المقدمات، فإذا كانت المقدمات خاطئة، فالنتائج تكون أيضاً خاطئة يخطئون حين يظنون أو يتصورون أن ثمرات الهداية ومعطيات الالتزام بالدين لا تظهر إلا في الدار الآخرة، وهم يحبون هذه الدنيا، ولذائذها، وشهواتها، ويرون أنها نقد في أيديهم، والآخرة نسيئة لا يستطيعون الحكم عليها، ويرون بعقولهم الضيقة وبنظراتهم الهابطة أن في المجازفة بالنقد على حساب الموعود به (النسيئة) نوع من عدم التعقل؛ فيستغرقون في شهوات الدنيا، ويقولون: الآخرة مستأخرة، و (يحلها حلاّل).
ويستجيبون لشهواتهم، ويعبون منها عباً، سواء شهوات المال المحرم، أو شهوات الجنس المحرم، أو شهوات المطاعم والمشارب والمآكل المحرمة، ويتعبون ويستمرون في تحقيق هذه المطالب الهابطة، ولكنهم يفاجئون في نهاية المطاف بأنهم لم يجدوا شيئاً، وما علم هؤلاء أن ثمرات الدين ونتائج الالتزام، ومعطيات الهداية لا تأتي في الآخرة فحسب، بل تأتي في الدنيا قبل الآخرة، وأن آثار الكفر وآثار العصيان والفجور والتمرد على أوامر الله لا يكون الجزاء عليها فقط في الآخرة، بل الجزاء قد يعجل في الدنيا قبل الآخرة، فما الحل إذاً؟ الحل هو الدين، إن كنت تريد أن تسعد في الدنيا فعليك بالدين، وإن كنت تريد أن تسعد في الآخرة فعليك بالدين، وإن كنت تريد الشقاوة في الدنيا فعليك بعدم الدين، وإن كنت تريد أن تشقى في الآخرة فعليك بعدم الدين.
إذاًً: السعادة كلها في الدين، والشقاوة كلها في ترك الإسلام والدين.