اعلم يا أخي! أن الكفار في النار لا يبقون على وضعهم في الدنيا، وإنما تضخم أجسادهم ويزاد في طولهم وعرضهم، ورد في الحديث:(ما بين منكبي الرجل من أهل النار مسيرة ثلاثة أيام)، وورد عند مسلم والترمذي قال عليه الصلاة والسلام:(ضرس الكافر مثل جبل أحد).
إذا كان هذا الضرس! إذاً فكيف الرأس؟!! الذي فيه الرأس اثنان وثلاثون ضرساً، فإذا كان الواحد مثل الجبل كيف الرأس؟ ثلاثون جبل هذا في الرأس والرقبة، والمقعد جاء في الحديث قال:(مقعد الكافر في النار كما بين مكة والمدينة)(٤٢٠كم)، هذا الكرسي الذي يجلس عليه في النار، لماذا؟ من أجل الإحراق؛ لأنه لو ترك هكذا تأكله النار على مسافة آلاف الأميال، لكن يضخم كي تأخذه النار ويبقى فيها.
ثم جلده مسيرة ثلاثة أيام، وتبدل الجلود كل يوم أربعمائة مرة من شدة الإحراق، {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا}[النساء:٥٦] لماذا؟ قال:{لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}[النساء:٥٦] لا إله إلا الله! نستغفر الله ونتوب إليه، ونعوذ بالله من هذا المصير.
والنار محكمة مطبقة مؤصدة محيطة من شمال وجنوب، ومن شرق وغرب، من فوق وتحت فلا مفر {كَلَّا لا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}[القيامة:١١ - ١٢] يقول الكافر: أين المفر؟ أين نذهب ونهرب؟ قال الله:{إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ}[الهمزة:٨] أي: مغلقة مطبقة محكمة -والعياذ بالله- ويقول:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}[الكهف:٢٩] أي: أسوارها وحصونها {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً}[الكهف:٢٩].
كم غلظ الجدار؟ ورد حديث في الترمذي يقول عليه الصلاة والسلام:(لسرادق النار أربع جدر -أي: الأسوار أربعة أسوار- كل جدارٍ مسيرة أربعين سنة) من يبني جداراً يجعله (٢٠ أو ٥٠ سم) إن كان صبة، أما في النار فهو مسيرة أربعين سنة، هذا جدار وبعده جدار وبعده جدار حتى لا يخرج، ومن يخرج من النار؟! لا حول ولا قوة إلا بالله! ويقول:{يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[العنكبوت:٥٥] ويقول: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}[الزمر:١٦].
أما وسائل التعذيب في النار -والعياذ بالله- فشديدة، ومن أشدها وأبعدها -أعاذنا الله وإياكم منها- الحيات والعقارب، حيات كالجمال وعقارب كالبغال إذا لدغت الواحد يسري سمها في جسده أربعين سنة وهو يجد ألم اللدغة.