أيها الإخوة! كلنا سنسأل عن التوحيد وقضايا الإيمان؛ وهذا الدين هل بلغنا؟ وماذا عملنا له؟ لأنه مسئوليتنا، من نتوقع أن يقوم بهذا الدور غيرنا؟ وليس معنى هذا أن يكون الداعية خطيباً على المنابر فحسب لا، فالدعوة لها أساليب وطرق ومجالات كثيرة، منها ما لا يعذر فيه الإنسان: وهي دعوة الإنسان لنفسه إلى الله، هل يُعذر أحد في هذا؟ هل يقول: أنا لا أقدر أن أدعو نفسي إلى الله؟ لا.
ففي ظل الاتحاد السوفيتي المنهار والذي مارست فيه الشيوعية صنوفاً متعددة من القمع في سبيل إبعاد الناس عن عقيدتهم، فسدت الشيوعية وانهارت وبقي الإسلام في صدور أولئك الرجال، وما استطاعت أن تسيطر عليهم أو تمنعهم من الإسلام لماذا؟ لأنه عقيدة.
هذه مسئوليتك: أن تدعو نفسك إلى الله، لا تدعو الناس كلهم، أولاً ادعُ نفسك فقط، ولو أن المسلمين دعوا إلى الله بهذا القدر فقط لعم الخير، أي: لو أن كل مسلم دعا نفسه إلى الله؛ لما احتجنا إلى كل هذه الجهود التي تبذل الآن في دعوة المسلمين ولوفرناها لدعوة غير المسلمين.
إن العلماء والدعاة والعاملين في الدعوة يركزون الآن جهودهم كلها لدعوة المسلمين لماذا؟ لأنهم يقولون: إن المسلمين الآن يخرجون من الدين، أنت عندما تكون طبيباً وتجد شخصاً ميتاً وآخر مريضاً، من تعالج المريض أو الميت؟ تعالج المريض؛ لأن الآخر ميت، فالأمة الإسلامية الآن فيها مرض، ولهذا الدعاة كلهم متوجهون لاستعادة الحياة فيها.
لقد ضاع الجهد وصرف في المسلمين على حساب دعوة غير المسلمين، لكن لو أن كل مسلم دعا نفسه إلى الله، وأقامها على صراط الله المستقيم، وألزمها عقيدة صافية، وعبادة خالصة، وسلوكاً مستقيماً، وتعاملاً سليماً، وحياة طاهرة نظيفة في نفسه، ثم انتقل بهذا الدين الذي حمله إلى أسرته ومحيطه الضيق، هل يوجد أحد يستطيع أن يقول: لا أستطيع أن أربي زوجتي على الدين؟ من الذي يدخل معك في بيتك ويقول لك: لا تقل لها: صلِّ؟! هذه مسئوليتك، ثم انتقل إلى أولادك وبناتك وأقم أسرة مسلمة، فإذا نشأ مع الأسرة المسلمة مسلم ومسلمة، وتكوّن المجتمع المسلم من اللبنات التي هي الأسر الصالحة، ومع هذا المجتمع مجتمع ثانٍ، وانتصر الدين، وظهر دين الله في الأرض، فإذا رأى الكفار الإسلام ممثلاً في حياة الناس دخلوا في دين الله أفواجاً، لكن حينما يتخلى الإنسان عن هذه المسئولية ويقول: هذا ليس عملي، هذا على الدعاة والمشايخ، أما أنا فليس عليَّ شيء.
حتى نفسك ألا تدعوها؟ فكيف تكون داعية إلى الله سبحانه وتعالى؟!! لذا -أيها الإخوة- لا بد من الإحساس والشعور بهذه المسئولية؛ لأن الدعوة وظيفة هذه الأمة، والدعوة مسئوليتنا، والسائل لنا هو الله، والإجابة عنها صعبة، والنتيجة: إما إلى الجنة وإما إلى النار.