للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوقفة الثالثة: صعود روح المؤمن إلى السماء]

قال: (فتخرج روحه) وخروج الروح كما بينا لكم، فيه ألم لكنه ضعيف، تخرج روحه (تسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء -أي: من فم القربة- حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض) هذا أول شيء، قبل صلاة الناس، يصلي عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملكٍ في السماء، فيأخذها -أي: يأخذ الروح- فإذا أخذها أصبحت الروح في يد من؟ في يد ملك الموت، وملائكة الرحمة ينتظرون خروجها؛ فليس لهم سلطة وهذه اختصاصات، هؤلاء لهم وظيفة، وهؤلاء لهم وظيفة، فإذا خرجت الروح يأخذونها مباشرة منه قال: (فلا يدعها في يده طرفة عين) مباشرة يأخذونها فيضعونها في ذلك الكفن الذي من الجنة، وفي ذلك الحنوط الذي من الجنة، فذلك قوله عز وجل: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:٦١] الروح عندما تخرج يخرج منها ريح كأطيب ريحٍ وجد على وجه الأرض؛ لأن ريح الخبيث والطيب الآن غير ظاهرة، الناس الآن مستورون، مثل قدور الضغط، ولكن إذا كشفنا الغطاء ظهر كل واحد بما فيه، فالذي في قلبه إيمان وقرآن وذكر ودعوة وعمل صالح وحب في الله وبغض في الله أي خير، هذا تكون ريحه جيدة.

والذي في قلبه -والعياذ بالله- أغانٍ وأفلام ومسلسلات ونساء وخمر ونوم عن الصلوات ومعاصٍ وفواحش ماذا نجد إذا كشفنا قدره والعياذ بالله؟ خبث وخزي ويظهر منه ريح كأنتن ريح جيفة وجدت على ظهر الأرض، أما ذاك فكأطيب ريح وجد على ظهر الأرض، قال: (فيصعدون بها -هذه الريح يصعدون بها- فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قال الملائكة: ما هذه الروح؟ وما هذه الريح الطيبة؟ فيقولون: روح فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا) تشريفات تصعد من سماء إلى سماء، واسمك يمر فلان بن فلان، جاء من الأرض جاء العبد الصالح، جاء العبد المؤمن المصلي المتزكي الذاكر التالي صاحب الخشية، هذا هو الفخر، لكن ذاك سترون كيف يقال له -والعياذ بالله- قال: (حتى ينتهون بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون لها -وكل سماء لها أبواب ومغاليق وملائكة- فيفتح لهم) لماذا يفتح؟ قالوا: لأنه معروف عند أهل السماء، فأعمالك الآن تسجل وترفع إلى السماء: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:١٠].

فأهل السماء يعرفونه، كل يوم وأنت تمشي للصلاة، فلك حسابات مع أهل السماء، الآن إذا لك حسابات في أي مصرف أو بنك وتأتي ولك حساب جارٍ عندهم، ولك معاملات وتطلب أو تعطي، فأنت معروف عندهم، لكنك عندما تأتي وأنت مجهول وليس لك رصيد عندهم وتطلب منهم يقولون: من أين نعطيك؟ لا نعرفك، كذلك المؤمن له حسابات في السماء، فإذا فتح له قيل: فلان بن فلان، فيقال: ادخل! هذا معروف، هذا يصلي كل يوم، كل يوم يصعد له صلاة فجر وصلاة ظهر وصلاة عصر وصلاة مغرب، ويصعد له قرآن ويصعد له ذكر، هذا حساباته جارية ومتواصلة مع الله عز وجل، فيفتح له السماء الأولى: (ثم يتبعه من كل سماء مقربوها إلى السماء الثانية، حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين) عليين: درجة من الجنة قال الله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين:١٩ - ٢١]-نسأل الله من فضله-.

فيكتب كتابه في عليين، أي: كما قال العلماء: يحجز مكانه، ويحجز كرسيه، قد عرف وسجل أنه من أهل الجنة، وهذا مكانه في عليين، ثم يعاد من أجل إتمام بقية مؤهلات الجنة.