هذا العدو اللدود عداوته قديمة قِدَم الحياة، فمنذ بدء الخليقة قص الله عز وجل في القرآن الكريم خبر إبليس وآدم عليه السلام، وقصها في عدة مواضع من السور، وجاءت بأشكال وبعدة نماذج في العروض، وكل خبر يأتي بصيغة، من أجل التنويع والترغيب والتشويق في قضية سماع هذه الأخبار؛ لكن في سورة الأعراف جاءت القصة كاملة مستكملة للخبر من أول ما حصل إلى آخر شيء.
وقص الله علينا خبراً بأنه اقتضت حكمته خَلْق آدم، وقال للملائكة:{إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}[ص:٧١ - ٧٢].
فالملائكة استجابوا لأمر الله وسجدوا؛ ولكن إبليس رفض أمر الله عز وجل واعترض عليه وقال: لِمَ أسجد لهذا وأنا أفضل منه؟! {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[الأعراف:١٢] وظن إبليس أن النار أفضل من الطين، وهذا ظن خاطئ وزعم كاذب؛ فإن النار وسيلة إحراق وتدمير، والطين وسيلة حياة وتعمير، فالطين أفضل بملايين المرات من النار، فطينة آدم أفضل من طينة الشيطان؛ فقال الشيطان:{أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً}[الإسراء:٦١]{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[ص:٧٦].
فالله عز وجل قال له:{فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}[ص:٧٧ - ٧٨].