[الاهتمام بتربية البنت المسلمة]
رابعاً: وأيضاً لا ينبغي أن تكون مجاهدتك فقط لأولادك الذكور دون الإناث بهدايتهم وتربيتهم، وأيضاً عليك مسئولية كبيرة تجاه أولادك من الإناث؛ لأن البنت أمانة في عنقك، ينبغي أن تحول بينها وبين وسائل الفساد والإفساد، إذ ينبغي أن تنشئها النشأة الإسلامية الصالحة، ينبغي ألا تتيح لها أي فرصة للتفلت؛ لأن النساء حبائل الشيطان، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (كونوا مع خيارهن على حذر) يعني: الطيبة الجيدة الممتازة كن على حذر منها، فكيف بغيرها؟ لا بد أن تكون حذراً من النساء، يقول الشاعر:
لا تتركن أحداً بأهلك خالياً لو كان في النساك مثل بنان
مثل ثابت البناني.
إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أكلت بلا عوض ولا أثمان
العرض أغلى شيء فلا تجازف به، ولا تأمن أحداً على عرضك، لا تأمن سائقاً؛ بعض الناس يركب بناته ونسائه مع سائق يقول: اذهبوا تسوقوا، يودع الذئب مع الغنم، يقول: اذهب وارع الغنم يا ذئب، ما رأيكم هل الذئب يرعى الغنم؟ يتسمن، ما يأخذها كلها، ينظر أسمن واحدة يتسمن بها، والله تبارك وتعالى قد حرم على المسلمة أن تكشف وجهها أو تبدي زينتها في آية محكمة من كتاب الله في سورة النور، يقول الله عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] كم زوج في الشرع، واحد أو الجماعة؟ الحي كله، والأقارب كلهم يرون المرأة، إذا رأوها معناها: اشتراكية في العرض، ولكن بعولتهن فقط {أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور:٣١] أبوها {أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] يعني: أبو زوجها (عمها) لأنه محرم لها {أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} [النور:٣١] ولدها {أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] ولد بعلها من غيرها؛ لأنها عمته ومحرم عليها، لا يجوز أن ينكحها بعد أبيه: {أَوْ إِخْوَانِهِنَّ} [النور:٣١] أخوها {أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} [النور:٣١] ثمانية أصناف فقط.
هؤلاء يا رب من الأقارب، لا يوجد شخص من غير الأقارب؟ قال: بلى، يوجد أربعة من غير الأقارب يجوز أن تكشف عليهم المرأة، قال: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور:٣١] يعني: المرأة تكشف على المرأة.
{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور:٣١] يعني: المرأة التي عندها عبد مملوك تكشف عليه؛ لأنه لا يمكن أن يكشف عورتها؛ لأنه يخاف منها وهي سيدته، هذان صنفان وثمانية هناك صاروا عشرة.
بقي اثنان: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور:٣١] يعني: التابع للزوج الذي تبعك في خدمتك مثل: الخادم، ومثل السائق، ومثل الراعي، ومثل العامل، ولكن بشرط: أن يكون هذا الخادم وهذا الراعي وهذا العامل مخصي، هذا شرط بنص القرآن، يقول الله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ} [النور:٣١] ما هي الإربة؟ هي الرغبة في النساء، يعني: الشهوة، المضروب المدقوق هذا الذي ما عنده شهوة فهذا يجوز؛ لأنه مثل المرأة، لكن الذي ليس بمدقوق ولا مضروب، وسائق يدخل على النساء في المسالك وفي الغرف، ويفرش ويطلع وينزل، ويذهب بها إلى السوق ما هذا؟ هذا أخطر شيء على النساء والأعراض، يقول:
أصون مالي بعرضي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المال
العرض تاج على رأس الإنسان، إذا انكسر انكسر إلى يوم القيامة، لا حول ولا قوة إلا بالله! بقي صنف واحد وهو: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:٣١] الطفل الصغير الذي لا يعرف الجميلة من القبيحة، رخص الشرع أن يكشف على المرأة المسلمة؛ لأنه ما منه خطر، أما الطفل الذي يعرف ولو كان صغيراً فإنه لا يجوز: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:٣١] ثم قال: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور:٣١] حرم الله على المرأة إذا لبست زينتها ومشت في الشارع أن تضرب برجلها أو بيدها أو بجسمها حتى لا لا تهتز في مشيها فتحدث هذه الاهتزازات في الصيغة والحلي فتنة في قلب الذي يراها ولو كانت متحجبة {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور:٣١] ثم قال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١].
فمسئوليتك -يا أخي المسلم- مسئولية عظيمة جداً تجاه أولادك في أمرهم بطاعة الله، وتجاه بناتك في أمرهن أيضاً بطاعة الله، وفي صيانتهن عن معصية الله، كن سداً منيعاً أمام شهوات النساء ورغباتهن؛ لأن من أطاع امرأته فيما تشتهي كبه الله في النار على أنفه، يقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:٣٤] ولكن إذا انقلبت الآية وأصبحت المرأة هي القوامة، وأصبح الرجل هو المسير مثل التيس أينما توجهه يتوجه، انتكست الأرض، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم كرماءكم، وكانت أموركم في رءوسكم، فظاهر الأرض خير من باطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأموركم في رءوس نسائكم، فباطن الأرض خير من ظاهرها).
بعض الناس لا يستطيع أن يعزم أحداً حتى يشاور المرأة، يخاف أن يعزم فتعطيه بالعصا: أشغلتنا بالعزائم، كل يوم عندنا ضيف، ما هي الفائدة لنا في العزائم؟ فيأتي ويذهب يناديها: ما رأيكم نعزم فلاناً أو لا نعزم؟ فإن قالت: نعم، ذهب ما شاء الله، وإن قالت: لا.
ما استفدنا منه؟ قال: صدقت، قد خسرنا مع هؤلاء ذاهبين راجعين دون فائدة، ما يستطيع أن يبت في بصلة ويشتريها إلا بأمر المرأة، تسيره وتديره.
شخص من الناس زوج ابنته، ولما أراد أن يقيم الزواج رفضت المرأة وقالت: والله ما تزوج ابنتي، لماذا؟ بنات العرب عملن وعملن وأنا ماذا بها؟ ليست ناقصة عنهن، قال: أبشري، لا حول ولا قوة إلا بالله! الله المستعان! إنا لله وإنا إليه راجعون! (من أطاع امرأته فيما تشتهي كبه الله في النار على منخره).
أنت رجل لك القيادة، والريادة، والسيادة، ولك الرأي، نفذ الأمور كيفما تريد، لا تنتظر أحداً، نفذ الأمور على الحق ولو غضب كل من يغضب، المهم الحق، وإذا رأيت الحق ظهر أمامك فسر فيه ولو غضبت النساء، إذا غضبت اليوم لا ترضيها؛ تغضب اليوم وغداً ترضى، لكن إذا أغضبت ربك وأطعت المرأة غضب الله عليك في الدنيا والآخرة، لا حول ولا قوة إلا بالله! فاسلك سبيل الهداية، ولكن كما أسلفت، لا بد أولاً من الأرضية التي تستطيع أن تستوعب بها هداية الله لك، والأرضية كما قلت لكم هي القابلية، والاستعداد النفسي، كل شخص يقول: أنا والله أريد أن أهتدي، لكن يهتدي وهو مكانه، ما تحول إلى الله، ما توجه إلى الله، ما أحدث في حياته تغييراً، أنت عندما تريد أن تتوب إلى الله من الأغاني ماذا يلزمك؟ يلزمك أولاً أن تقلع من سماعها، وتذهب إلى البيت فتأخذ كل الأشرطة التي عندك وتمسحها وتغيرها كلها إلى مواعظ ومحاضرات وإلى أناشيد إسلامية وإلى كلام طيب، وبعد ذلك تجزم وتعقد العزم على أن لا تسمع هذه الأغاني مهما كانت الأسباب، هذا معنى أنك تائب، لكن: صدقت والله، صحيح أن هذه الأغاني حرام، لكن يا أخي دعنا نسمع قليلاً! هذه ليست توبة، واسمها: توبة الكذابين.
والتائب من الذنب العائد فيه كالمستهزئ بربه.
تستهزئ بربك وتضحك على الله! تستغفر الله بلسانك ثم بعد ذلك تعود للمعصية في اليوم الثاني، لا يصلح، لا بد من التوبة النصوح، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:٨] أي: صادقة جازمة، تشعر فيها بالانتقال من حياة الجاهلية إلى حياة الإسلام، من حياة المعصية إلى حياة الطاعة، من حياة الظلمة إلى حياة النور، من حياة الغناء إلى حياة القرآن، من حياة النظر إلى النساء إلى حياة النظر إلى المصحف، هذا هو التائب الحقيقي، والمجاهد لنفسه، هذا أول شيء تعمله للهداية التي تحتاج منك إلى الاستعداد والأرضية والقابلية.