للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تائب يخاف من عدم قبول التوبة ومن شماتة الناس به]

السؤال

قصرت كثيراً في جنب الله، بالوقوع في كثير من الذنوب والمعاصي ولكنني والحمد لله تبت إلى الله، وهناك أمر يلاحقني وهو أنني أشعر بأنه ليس لي توبة، وكذلك يعيرني أصحابي بما كنت عليه قبل أن أتوب فهل من توجيه؟

الجواب

الحمد لله الذي هداك وتاب عليك، وأسأل الله أن يهدينا جميعاً وأن يتوب علينا وعلى جميع المسلمين، وأما شعورك الذي يلاحقك بأنه ليس لك توبة، فهذا هو مصداقية توبتك؛ لأن من شروط التوبة: الندم، وهذا الندم هو الذي تشعر به الآن، إن قلبك يتقطع أسفاً وحزناً وندماً على ما فات منك في المعصية، وخوفك هذا وشعورك هو دليل صدق توبتك، وعليك أن تحسن الظن بربك، فإن الله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد، يقول الله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ} [طه:٨٢] وكلمة غفار هنا صيغة من صيغ المبالغة {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:٨٢] ويقول سبحانه وتعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر:٤٩] ويقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:٥٣] وقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} [آل عمران:١٣٣ - ١٣٥] مثلما فعلت أنت! {أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:١٣٥ - ١٣٦] هذه الآيات كلها تبين لك وتفتح لك باب التوبة، وتعلمك أن ذنبك مغفور مائة بالمائة، وليس عندنا شك في هذا، فالله لا يخلف الميعاد، إنما الذي عليك أن تستمر في هدايتك ولا ترجع إلى ما كنت عليه، وثق بأن الله سبحانه وتعالى قد قبل توبتك.