للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجزء الأول: الجسد]

وهو أقلها شأناً، بدليل: أنه إذا تخلت الأجزاء الأربعة البقية عن الجسد لا يبقى له قيمة.

إذا مات الإنسان ما الذي يخرج من الإنسان؟ عينه موجودة في الجهاز البصري، وأذنه موجودة في الجهاز السمعي، وقلبه موجود، وكليتاه موجودتان، ورئته موجودة، والكبد موجود، وجميع الأجهزة موجودة، لكن من يأخذ هذا الإنسان ولو بريال واحد؟ لا أحد يشتريه، وإنما يحول مباشرة إلى المقبرة وينتهي ما لك قيمة إلا بقدر ما للأشياء الأخرى الأربعة من قيمة! هذا الجسد الذي ذكرناه لسنا بحاجة إلى الإطالة في موضوعه؛ نظراً لأن الناس قد اهتموا وبالغوا فيه، وجعلوا كل اهتماماتهم مركزة على حماية الجسد؛ إذا مرض الجسد عالجوه، وإذا جاع الجسد أطعموه، وإذا عطش سقوه، وإذا برد أدفئوه، وإذا احتر بردوه حياة الناس حياة جسد، لكن الحياة الأخرى التي هي أجزاء الإنسان هي التي أهملت في حياة الناس ولهذا يعيشون حياة أقرب إلى البهيمية منها إلى الإنسانية المكرمة، والتي يقول الله تعالى فيها: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:٧٠] هذا الجزء الأول، أي: الجسد.