للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم ترك قراءة الفاتحة في الصلاة عمداً

السؤال

إذا ترك إنسان قراءة الفاتحة عمداً في الركعة الأولى، فهل تبطل صلاته كلها؟ أم تبطل الركعة التي ترك فيها القراءة فقط؟ وهل ينطبق عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)؟

الجواب

يقول العلماء: إن من ترك ركناً عامداً أو ساهياً بطلت صلاته، فإن ترك قراءة الفاتحة عامداً وقرأها ثانيةً قبل أن ينتقل إلى ركن آخر فإن صلاته صحيحة، أي: كبر ويريد أن يقرأ ولم يقرأ، وقبل أن يركع تذكر أنها ركن فقرأها فصلاته صحيحة، أما إذا استمر في تركها حتى انتقل إلى ركن آخر وهو الركوع فقد بطلت صلاته وعليه أن يعيد الصلاة.

أما المأموم فقد اختلف أهل العلم في حكم قراءة الفاتحة للمأموم على ثلاثة أقوال: قول للإمام الشافعي وهو أرجحها وأقواها وأقربها إلى الدليل وهو: إن من ترك قراءة الفاتحة إماماً كان أو مأموماً فإن صلاته باطلة.

والدليل حديث عبادة بن الصامت في صحيح البخاري وصحيح مسلم، قال عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وفي حديث آخر في صحيح البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ وكان بعده من الصحابة من يقرأ فقال لما انصرف من الصلاة: (من الذي ينازعني القرآن؟) فقال أحد الصحابة: أنا يا رسول الله، قال: (لا.

إلا بفاتحة الكتاب) أي: لا تنازعني، ولا تقرأ ورائي إلا بفاتحة الكتاب.

فدلت الأدلة هذه على أن قراءة الفاتحة ركن في حق المأموم والإمام والفرد.

والقول الثاني للإمام أحمد ومالك وهو: أن الفاتحة تجب على المأموم في القراءة السرية، وتسقط عنه في القراءة الجهرية؛ لأن قراءة الإمام قراءة له، فإذا سمعت قراءة الإمام وأنت في الجهرية فإنك لا تقرأ؛ لأنك سمعت، أما في السرية فإنك تقرأ، وهذا قول الإمام أحمد ورجحه ابن تيمية.

أما الأول رجحه الإمام البخاري وبوب عليه باباً وألف فيه كتاباً وانتصر له انتصاراً عظيماً، وقال: لا يمكن أبداً أن نضع -أو أن نضيع- حديثاً صحيحاً في صحيحي البخاري ومسلم لا تنهض لمقاومته الأحاديث التي في السنن والتي فيها قراءة الإمام قراءة للمأموم، لا.

هذا لا يقاوم ولا يعضد ولا يستطيع أن يصل إلى درجة صحيحي البخاري ومسلم.

القول الثالث: وهو من الأقوال التي لا دليل عليها، وهو قول الإمام أبي حنيفة رحمة الله عليه، قال: إن المأموم لا يقرأ؛ لا في السرية ولا الجهرية، أي: ابق واقفاً بعد الإمام، ولا دليل له غير أنه قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به)، ورد عليه بأنه يؤتم بالإمام في الحركات، أما في الأقوال فإنه مطلوب من المسلم أن يكبر ويقرأ الفاتحة ويقول أيضاً: سبحان ربي العظيم، والذي يرجحه أهل العلم أن تقرأها إماماً أو مأموماً، أين تقرأها؟ إن كانت سرية تقرأها في سرك، وإن كانت جهرية ففي سكتات الإمام، أي: إذا قال: ولا الضالين، آمين.

تقرأ، وإن كان لا يسكت، أي: بعض الأئمة يقول: ولا الضالين آمين ويقرأ مباشرة، عندئذٍ اقرأ وهو يقرأ؛ لأنه مطلوب منك؛ ولأن هذا لا ينافي قول الله عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف:٢٠٤] لأن هذه الآية عامة وهذه لها دليل مخصص والمخصص مقدم على العام، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.