من أسماء يوم القيامة:(يوم الفصل) يقول الله عز وجل: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ}[الدخان:٤٠] ويقول: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً}[النبأ:١٧] ويقول: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ}[المرسلات:٣٨] ويقول: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}[الصافات:٢١].
والفصل يعني: التقسيم والتمييز بين الأشياء المختلفة، أنت لما تحصد الحب من مزرعتك، قبل أن تخزنه تفصل التبن من البر، ثم تخزن كل شيء بما يناسبه، تخزن البر في مخازنه، وتخزن التبن في مخازنه، يقول ابن القيم: الناس زرع -نبات- وملك الموت حاصده.
كل يوم وهو يحصد في الزرع، والقبر دراسه -يعني المكان الذي يفصل الناس فيه- والجنة والنار مخازنه.
فالجنة يخزن فيها أهل الإيمان، والنار يخزن فيها أهل الكفر، وتعرفون أن التبن أكثر من البر دائماً، فإذا حصد الإنسان عشرة أكياس بر حمل معها مائتي كيس تبن، ولذا أكثر الناس غير صالحين، يقول الله:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف:١٠٣] ويقول: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}[الأنعام:١١٦] يعني: لا تجعل عبرتك بالكثرة فالكثرة لا يعتد بها، الآن إذا الذهب غالٍ؟ لأنه نادر، لكن لو أنه كثير لكان مثل الطين، فهو نوع من المعادن لكن لما كان نادراً وعنصره فريداً ونفيساً أصبح غالياً جداً، وما ذاك إلا لندرته، وكذلك المؤمن لندرته غالٍ عند الله يوم القيامة، وفي يوم القيامة يخرج الله بعث النار، والحديث في صحيح البخاري، يقول الله عز وجل لآدم:(أخرج بعث الجنة من بعث النار، قال: رب، وكم بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون لجهنم وواحد إلى الجنة) الله المستعان!! هذا الحديث شق على الصحابة لما سمعوه وخافوا منه خوفاً شديداً، ونحن ينبغي أن نخاف؛ لأنه من كل ألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار -والعياذ بالله- لكن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العدد يُغطِّى من الأمم التي سوف تأتي في آخر الزمان، وهي أمم الكفر: أمم يأجوج ومأجوج وغيرها، وأن المؤمنين في هذه الأمم مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ}[المرسلات:٣٨] يقول عز وجل: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[السجدة:٢٥].
والخلاف الآن قائم، ووجهات النظر متباينة في أمر البعث، ولكن يوم القيامة تستقر وجهات النظر على الحقائق، وكل شخص يعرف الحق من الباطل، حتى أهل النار والكفر يقولون: هذا يوم الفصل، ثم يطلبون الرجعة من أجل التصحيح، ولكن لا يجابون، وتتضح الأمور على أصولها في يوم القيامة، فسمي يوم الفصل لفصل الجزاء، ولأنه فيه من الأمور والقضايا ما يعيد الأمور إلى حقائقها ونصابها.