[كيفية معاملة الزوج لزوجته والعكس]
السؤال
رسالة طويلة مضمونها: أن امرأة متزوجة وعندها أربعة أبناء، هجرها زوجها في بيتها وهي عنده في البيت بمثابة الخادمة، والسؤال يقول: هل يجوز أن أجلس معه في نفس البيت مع أنه لا يقوم بالنفقة علي بتاتاً فمعاملتي كمعاملة الخادمة التي تقوم بتلبية طلباته لا غير، فهل في جلوسي معه إثم علي؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
هذه المشكلة لا يمكن الجواب عليها إلا بعد معرفة أطرافها، ورأي الطرف الثاني، فإننا لا نتوقع أن زوجاً يهجر زوجته من غير سبب، الذي نوصي به هذه الأخت أن تبحث عن أسباب هجران زوجها لها.
بعض النساء تقول: لا يوجد أي سبب؛ لأنها لا ترى هي عيوب نفسها، فالجمل لا يرى اعوجاج رقبته، ولهذا لو سألته: كيف رقبتك يا جمل؟ لقال: مثل المسطرة وهي أعوج رقبة في الدنيا لكن لا يراها، عيونه مرتفعة يشاهد الدنيا كلها إلا رقبته، فالمرأة أحياناً لا ترى عيوبها، ترى الجوانب الحسنة فيها، لكن من الذي يرى المرأة ويقيمها ويرى عيوبها وحسناتها؟ ألصق الناس بها، من ألصق الناس بها؟ زوجها، فلذلك إذا هجرها نقول: لماذا هجرها؟ لا يهجرها إلا لسبب.
فلتكن المرأة واقعية ولتتخلى عن الأنانية ولتراجع نفسها بنوع من الجدية: ما الذي جعل زوجها يهجرها؟ ثم تبتعد عن هذه الأسباب وستجد في النهاية أن زوجها يرجع لها.
وأعرف أنا كثيراً من القضايا التي عرضت علي وعرفت أن السبب من المرأة، ولما عالجت المرأة الأخطاء رجعت الأمور كما كانت؛ لأن الرجل كما يقول بعض المربين: الرجل طفل كبير تستطيع أن تلعب به المرأة، تريده حلواً يكون حلوا، تريده مراً يكون مراً وناراً.
المرأة تشبه الرجل إذا كانت طيبة ماذا يصير هو؟ هل يصير بطالاً؟ لا.
والله لا يصير بطالاً أبداً، وإذا كانت المرأة طيبة وطائعة له؛ كلما قال لها قالت: أبشر، وإذا دعاها قالت: لبيك، نذهب؟ أبشر، لا نذهب؟ حسناً، كل شيء طيب، ماذا يصبح هو؟ يصبح أطيب منها، لكن إذا كانت عنيدة فكيف يكون هو؟ أعند منها، وهو يملك قدرات أكثر من المرأة، المرأة مسكينة لا تملك إلا القليل لكنه يملك كل شيء، يملك الضرب يملك النهر يملك الهجر يملك الطلاق يملك الطرد من البيت، فيستخدم هذه القدرات في الإضرار بالمرأة إذا أساءت، لكن لو أحسنت لا نتوقع إلا أن يكون مجنوناً أو شاذاً، أما إذا كانت تحسن إليه وتطيعه، وتعمل كل شيء يريده، وهو يأبى إلا الإعوجاج، فهذا لا يصلح أن يكون زوجاً، ولهذا شرع الله الطلاق.
لكن تجرب المرأة مع زوجها في أن تكون طيبة بطاعته الطاعة المطلقة في غير معصية الله، تطيعه في الشيء الذي لا تريده هي، كأن تقول له: اليوم نذهب نتمشى؟ فيقول: لا، فتقول: حسناً، وكذلك إذا قالت: نذهب للجيران أو للسوق، فأجابها بلا، فرضيت، لكن بعضهن يغضبن ويختلقن المشاكل؟ فيقول: والله لا نتمشى مدى الحياة، لكن لو أنها قالت: اليوم نتمشى وقال لها: لا، فقالت: إذاً لا نريد، فإنه سيأتي في اليوم الثاني بنفسه ويقول: هيا انهضي! لماذا؟ لأن الحياة أخذ وعطاء تأخذ بقدر ما تعطي.
ولهذا المرأة التي زفت ابنتها قالت لها: كوني له أمة يكن لك عبداً، وكوني له أرضاً يكن لكِ سماءً، وكوني له مهاداً يكن لكِ عماداً، لكن لا تعانديه مثل ما تعمل بعض النساء الآن، توصي ابنتها فتقول لها: لا ترضخي له! اجعليه يعلم أن معه امرأة، فتوصيها من أول ليلة بالعناد فلا يمر الأسبوع إلا وهي بعفشها وسيارتها مطلقة، الزوج يريد امرأة غير معاندة؛ لأن الحياة الزوجية هي شركة لها مدير، من المدير؟ الزوج، بعض النساء تقول: لا.
أنا المدير، فيقول: والله لا آخذ مديراً علي فيقوم ليطلقها، ومعظم قضايا الطلاق الآن الموجودة في المجتمع سببها عدم طاعة المرأة لزوجها، لوجود خلل في التفكير عند بعض النساء.
تظن بعض النساء أن طاعة الزوج نوع من الامتهان، وهذا خطأ، طاعة الزوج عبادة لله وتكريم للمرأة؛ لأنكِ حين تطيعينه يطيعك غصباً بعد ذلك، هكذا هندسة الأسرة تقتضي أن تكون هناك طاعة للآمر، فلو كنتِ مُدرسة ألستِ تطيعين مديرة المدرسة، فإذا غابت مدرسة وقامت المديرة بتوزيع جدولها على المدرسات الموجودات وكان لك نصيب من ذلك، ألست تطيعينها؟ هل قيام المدرسة بتدريس الحصة هو امتهان؟ لا.
يمكن أن تكون المدرسة أفضل من المديرة في شهادتها أو تفكيرها أو دينها، لكن ما دام أنها مديرة لابد أن تطاع، وما دام وزيراً لابد أن يطاع، وما دام ملكاً لابد أن يطاع، وما دام رجلاً لابد أن يطاع، وإذا ما أطيع الرجل في بيته شعر بنقص في رجولته فيصبر يصبر ثم ينقلب.
بعض النساء تمضي أمرها على زوجها وهو يقول: قد خسرنا! ولعل الله أن يهديها ويصبر أسبوعاً شهراً أو أكثر وتحسب أنه هكذا ولا تعلم إلا وقد تغير إما بطلاق وإما بزوجة ثانية، فنحن نوصي أختنا هذه رغم عدم علمنا بملابسات قضيتها مع زوجها وقد يكون هو المخطئ وقد تكون هي المخطئة لكن نقول كوصية أولية: ابدئي بالمبادرة منك وكوني طيبة وجربي وستجدين إن شاء الله أن زوجك سيكون طيباً.