إن المصيبة العظمى في هذا الزمن هي مصيبة التبرج الذي قتل الأمة، وحطم الأخلاق، وقضى على القيم، هذا التبرج والاختلاط الذي وقع فيه أكثر الناس في هذه المنطقة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
التبرج هذا نافذة خطيرة إلى الزنا، نافذة كبيرة شنيعة إلى الزنا، لا يمكن أن يوصل إلى الزنا إلا من باب التبرج والاختلاط، والله تبارك وتعالى قد سد هذا الباب، وقال:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}[النور:٣٠ - ٣١] الزينة، والثوب، والذهب، والوجه، والجلسة، والابتسامة، والكلمة؛ لا يمكن أن تكون من المرأة المسلمة المؤمنة إلا لزوجها فقط، لكن الحال عندنا معكوس، تطبخ وتكنس وتعمل في ثوبها ذاك الذي كأنها ستدفن فيه، فإذا خرج الزوج وقالوا: فلان ذهب ودعيت إلى مناسبة أو عرس جاءت إلى (الشنطة) وكسرتها، تبحث عن المفتاح فلا تجده، مفتاح القفل سوف يؤخرها عن السمرة واللعب! فكسرت (الشنطة) وأخرجت الثوب الجديد ذاك الذي اشتراه لها المسكين من عرقه، ثم خرجت متزينة متبرجة تنشر الفتنة بغير حساب، وتبيع عرض زوجها بلا ثمن، وهي في لعنة الله، وزوجها إذا رضي بهذا فهو ملعون، قال عز وجل:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}[النور:٣١] والبعل في الشرع هو واحد، لكن إذا الجماعة كلهم يرون المرأة، فمعناه: أن البعل ليس واحداً؛ لأن القرية كلها بعول {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}[النور:٣١] المرأة جوهرة لا تصل لها يد ولا تمتد لها عين؛ إلا يد وعين زوجها فقط {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ}[النور:٣١] أبوها: والأب في الشريعة أيضاً واحد وليس القرية كلها {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}[النور:٣١] يعني: والد زوجها {أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ}[النور:٣١] ولدها تكشف عليه {أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}[النور:٣١] ولد بعلها من غيرها {أَوْ إِخْوَانِهِنَّ}[النور:٣١] أخوها من أمها وأبيها، أو من أحدهما، أو أخوها من الرضاعة {أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ}[النور:٣١] ثمانية أصناف.
قال:{أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}[النور:٣١] التابعين: تابع الزوج، خادم أو عامل أو راعي الزوج، الذي يشتغل عندك في مزرعتك ومعملك، وهو تابع لك تحت إمرتك وراتبه من عندك ولكن بشرط: أن يكون هذا التابع وهذا العامل وهذا الراعي مخصياً، هذا إذا كان مخصياً يجوز لك في الشرع أن يكشف على نسائك، لكن عمالنا هذه الأيام الذين يجلسون مع النساء ويدخلون ويخرجون كيف حالهم؟! هم أخطر على النساء من النار، وأكثر الناس متساهل في هذا، يكون الزوج حريصاً على المحارم لكن من العامل والراعي يقول: ماذا نعمل لا نستطيع، لا -يا أخي- هذا الذي يعمل عندك اجعل له غرفة مخصصة هناك في المزرعة، ولو تعبت، لكن تحمي عرضك، أما أن يجلس مع المرأة والنساء والبنات ويطلع وينزل، فترى هذا العامل يقبل منك أقل راتب، وغيرك عرض عليه أكثر منك فلا يقبلها، أما أنت فيقبل منك مائة؛ لأن مائتك فيها عسل، مائتك معها امرأة وبنت، لكن ذاك الذي يعطيه خمسمائة وهو جالس منعزل هناك في الصندقة أو الزرع لا يريده.
وكلكم تعرفون قصة ذلك الرجل الذي وجد راعياً في السوق، فأعجب به، ثم نصحوا الرجل وقالوا: يا فلان نرى أن هذا الراعي سلوكه ليس بطيب مع أولادك، قال: اسكتوا ولا تقولوا في فلان أي شيء، عيالي تركوني، ما معي إلا فلان يرعى الغنم.
هو يرعى في النهار! وفي الليل يرعى النساء؟ لا حول ولا قوة إلا بالله! وبعد أيام وإذا به يسحر البنت ويقطع شعرها، ويلبسها ثياب رجل، ويأخذها ويفر بها، ولا يقبض عليه إلا وهو في بلاده، ويؤتى به ويحكم عليه القاضي بالقتل، وتقطع رقبته في السوق في يوم الثلاثاء، فما ينبغي لك أن تتهاون -أيها المسلم- في هذا الأمر قال الله:{أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ}[النور:٣١] أي: ليس له في النساء طلب، مثل العنّين هذا إذا كان بهذه الهيئة يجوز له أن يكشف على زوجتك، ولكن بشرط: أن يكون تابعاً لك، يعني: إذا كان ممن ليس له إربة في النساء وهو خادم أو عامل عند جارك فلا يجوز أن يكشف على امرأتك؛ لأنه سوف يكشف عرضك ويصف زوجتك للآخرين، أما عاملك أنت فلا يستطيع أن يكشفها؛ لأنه يخاف منك، لأنه تابع لك {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:٣١].