فإن الله سبحانه وتعالى شرع الزواج وجعل المهر تطييباً لخاطر المرأة وليس بيعاً وشراء، ثم إن المهر للمرأة ليس للولي، يقول الله:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}[النساء:٤] أي: عطية من الله، فأمر الله الأولياء والأزواج بأن يؤتوا النساء صدقاتهن، يعني: مهورهن فلا يجوز للأب أن يأخذ المهر، فالمهر للبنت، لماذا تأخذه أنت؟ من الذي تزوج بك حتى تأخذ ستين أو سبعين ألفاً أو مائة ألف؟ بعضهم يقول: أنا تعبت عليها! تعبت عليها؟!! وهل هي سلعة؟ تكدها تكدها حتى تطلع رأس المال منها والتعب؟! هذه فلذة كبدك، هذه قطعة منك هذه جزء منك يجب أن تسعى في سعادتها، أما أن ترهنها وتحبسها حتى تأتي عندك بأعلى ثمن، ولهذا بعضهم إذا أتى يخطب قال: والله قد جاءنا من يدفع: مائة ألف، فهل عندك أكثر؟ فنزلها في (الحرج) تحت الميكرفون!! هل هي سيارة؟ أم قطعة أرض؟ ومن زاد شرى، لا يا أخي الكريم! المغالاة في المهور أدت إلى عزوف الشباب عن الزواج، وركود البنات في البيوت، وقام الشيطان يعمل عمله، واستغل هذا الخطأ من أجل فتح أبواب الشر التي فتحها الآباء وفتحتها أيضاً الأمهات، وفتحها أحياناً البنات، وأحياناً الأولاد، وسوف نعرض كل هؤلاء.
يقول عليه الصلاة والسلام:(أكثرهن بركة أيسرهن مهراً) ولو كان المهر وزيادته مكرمة في الدنيا أو أجراً في الآخرة لسبق إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن كان مهر بنات النبي صلى الله عليه وسلم يسيراً، وكان يعقد صلى الله عليه وسلم على خاتم من حديد، وزوج بعض أصحابه من بعض بسورة من القرآن، وتزوجت واحدة من الصحابيات زوجاً بإسلام زوجها، عندما أتى يخطب قالت: أنت رجل كافر ولا يحل لي أن أنكحك، قال: أرأيتِ إذا أسلمت تقبليني؟ قالت: نعم.
فكان هذا أعظم مهر في التاريخ أن قبلته وقبلت من مهرها أن يكون مسلماً في دين الله سبحانه وتعالى.
فالمغالاة في المهور مرفوضة من الناحية الشرعية، وتؤدي إلى كوارث، وليس في مهر البنت بركة، فإذا أخذت مهر البنت فقد أخذت ما ليس لك، فهو ممحوق البركة، ولكن يسر ييسر الله عليك، وفي نفس الوقت تستقيم حياة البنت؛ لأن الزوج الذي يعرف أن هذه البنت سببت له هذه المشاكل، وأرهقت كاهله بهذه الديون، وأوقعته بهذه المآسي، فبعض الأزواج لا يفكر فيذهب ويشتري سيارة أو سيارتين أو ثلاثاً، ويقع في الديون، فإذا تزوج وبعد أسبوعين أو ثلاثة إذا بهذا يطلب، وهذا يشط، وهذا يمط، وهذا يدعي، والحقوق تستدعي، تذكر من الذي عمل له المشكلة؟ البنت، نعم.
البنت هي نكبتي، وسأنتقم منها، ويبدأ يتعامل معها بسوء، ويقلب لها ظهر المجن، لماذا؟ لأنها كانت سبب نكبته، كل هذا بسبب المغالاة في المهور، لكن يوم يشعر بأنها جاءته بيسر ولم تكلف عليه يكرمها ويكرم أباها الذي أعانه على الزواج ولم يبالغ ولم يغال.