وأيضاً من مجالات الاعتبار بالقرآن الكريم: أن تتفكر فيما أعد الله عز وجل للمؤمنين في الجنة -نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها، وآباءنا وأمهاتنا وإخواننا المسلمين- تنظر لما أعد الله في الجنة للمؤمنين، حتى قال الله في القرآن:{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة:١٧] وفي الحديث الصحيح يقول ابن مسعود: [إن أدنى أهل الجنة منزلة، من يعطى قدر الدنيا منذ خلقها إلى يوم يفنيها وعشرة أمثالها] قال راوي الحديث: انظر إلى ما يقول ابن أم عبد، عن أدنى رجل فكيف بأعلى رجل؟ قال:[ذاك ما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر].
هذا الملك العظيم يدلك على عظمة الثمن، ليس برخيص:(ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة) عندما تعرف أنك لك اثنتين وسبعين حورية في الجنة، الواحدة منهن -من نساء الجنة- لو أشرفت على الأرض لطمس نورها ضوء الشمس والقمر، ولو أنها في المشرق ورجل مزكوم في المغرب لشم رائحتها، تخرق أنفه على بُعد المشرق والمغرب:(نصيفها -أي: شيلتها على رأسها- خير من الدنيا وما عليها) اثنتين وسبعين حورية تريدهن مجاناً؟! الآن امرأة واحدة ما لقيتها إلا بعد قَلْعِ ضرسك، لكن هذه حورية، كبدها مرآتك، وكبدك مرآتها، عليها سبعين حلة، ترى مخ ساقها من وراء الحلل، تريدها مجاناً؟!! بعض الناس يريدها وهو ينام عن صلاة الفجر، ويريدها وهو يغني، ويريدها وهو يدخن، يقال له: اترك الدخان، قال: والله يا شيخ أريد أن أتركه لكن ما استطعت، اجلس يا عبد السيجارة على ما أنت عليه! لا حول ولا قوة إلا بالله! فعندما تعرف ما أعد الله لأهل الإيمان في الجنة تقول: والله هذه السلعة غالية، والله تحتاج إلى تعب، ولقد قال عليه الصلاة والسلام:(ألا هل من مشمر للجنة؟ إن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وقصر مشيد، وريحانة تهتز، قال الصحابة: نحن المشمرون يا رسول الله! قال: قولوا: إن شاء الله).