إن الله عز وجل شرع الزواج لتنظيم العلاقة الزوجية، حتى يستمر النسل البشري؛ لأن الله أراد أن يعمر الكون بالإنسان {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة:٣٠] وهذا الإنسان مهمته العبادة، ولا يمكن أن يكون الإنسان إلا عن طريق التوالد، والتوالد يأتي عن طريق لقاء الرجل بالمرأة، وهذا اللقاء إن لم يكن لقاءً منظماً بالزواج أصبح لقاءً فوضوياً همجياً -مثل بعض الحيوانات والبهائم- فشرع الله الزواج، وركب في الرجل ميلاً إلى المرأة وركب في المرأة ميلاً إلى الرجل، قال عز وجل:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ}[آل عمران:١٤] إلى آخر الآيات، ثم جعل هذا العمل رغم أنه شهوة جعله عبادة، يقول عليه الصلاة والسلام:(وفي بضع أحدكم صدقة) فاستغرب الصحابة، وكانوا يظنون كما نظن أن العبادة والحسنات إنما تأتي عن طريق العمل الصالح، مثل: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والدعوة، والأمر بالمعروف، وسائر الطاعات، أما أن يأتي الرجل زوجته ويكون له أجر! وهو شي من المباحات والعادات! قالوا:(يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه؟ قالوا: نعم.
قال: فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر).
فإتيان الرجل لزوجته رغم أنه يمارس معها عملاً شهوانياً بحتاً، إلا أنه إذا أحسن النية أصبح عبادة، كأنه يصلي ويصوم ويتصدق.