أنا شابٌ التزمت في أول حياتي ثم عدت إلى حياة اللهو، واليوم تبت إلى الله من قلبٍ صادقٍ فهل تقبل توبتي؟
الجواب
نعم.
يا أخي الشاب! تقبل توبتك ويقلب الله سيئاتك التي عملتها حسنات، ولكن اثبت يا أخي المسلم! فإن التذبذب والصعود والهبوط والجد مرة والكسل مرة والمحافظة على الصلاة مرة وتركها مرة هذه ظاهرة خطيرة لحياة الشاب؛ لأنه قد يأتيه الموت وهو في النزول، فمن يرجعه؟ أو قد ينزل نزلة لا يصعد بعدها إلى يوم القيامة، بعض الشباب يقول: أنا الآن اهتديت لكن ضيقت على نفسي! فلماذا لا أفعل مثل هؤلاء العابثين وأشبع نفسي بالمعاصي والذنوب، ثم أتوب؟! فينزل فإذا نزل عاش هذه الحياة العابثة، فإما أن يموت قبل أن يتوب، أو يستمرئ هذه الأمور والعياذ بالله فيألفها ولا يستطيع أن يتوب، فيموت خاسراً والعياذ بالله لأن الله هو الذي يحبب الإيمان ويزينه في القلوب قال الله:{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}[الحجرات:٧] فنسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، وأن يكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، فاثبت يا أخي! على دين الله ولا تتذبذب فإن هذا خطر؛ لأن القلب هو مجال هذا التذبذب، وهذا القلب جهاز عجيب يتقلب.
وما سمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلب إلا أنه يتقلب
وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله ويقول:(اللهم يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك) فكان يسأل وهو المعلم لهذه الأمة ويقول: اللهم ثبت قلبي على دينك وعلى هداك، فاسأل الله التثبيت واثبت على دين الله عز وجل واتبع وسائل الثبات وهي: تلاوة القرآن الكريم، وفعل ما أمر الله به من أوامر وفي مقدمتها التوحيد، والصلوات الخمس، والزكاة؛ لأن الذي لا يصلي في المسجد وتوحيده فيه خلل فإن الله لا يثبته، يقول الله عز وجل:{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ}[النساء:٦٦] أي ما أمر الله به: {لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً}[النساء:٦٦] فأعظم شيء يثبتك على الدين فلا تزيغ ولا تهلك هو أن تتمسك بطاعة الله، وتعض عليها بنواجذك وتحرص عليها بكل قواك وتجاهد نفسك بقوة وعنف أن تكون الأول في دين الله.
لكن أن تتكاسل في الصلاة وتأتي مرة في الصف الأول، ومرة في الثاني، ومرة في الأخير، ومرة تصلي في البيت، ومرة في المسجد، ومرة تضيعها، وتريد أن تثبت على الدين، فهذه بداية انحدار والعياذ بالله والذي يعمل هذا لا ترده إلا جهنم والعياذ بالله، لكن الذي يجاهد نفسه باستمرار فما إن يسمع الأذان حتى يقوم إليها فهذا يثبته الله عز وجل، ويحبب له الإيمان، فلا يمضي عليه سوى فترة بسيطة من الزمن وإذا بهذه الأعمال والطاعات تصبح صفة لازمة وثابتة فيه، ولا يمكن أن يتركها في أيِّ حال من الأحوال؛ لأن الله ثبته قال الله:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[إبراهيم:٢٧] يعني: هنا {وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:٢٧].