وإن سألت عن سماعهم -سماعهم أي: كيف يقضون أوقاتهم؛ لأنهم في الدنيا ليس عندهم سماع، عندهم سماع لكلام الله، سماع للعلم، سماع لخطاب الله، لكن في الجنة ليس من ذلك شيء، لا يوجد إلا سماع خاص، لا يوجد إلا طرب، ولا يوجد إلا التمتع- فغناء أزواجهم من الحور العين، وسماع الملائكة المسبحين، وأعلى من ذلك خطاب رب العالمين.
وقد ورد أنه تركب في شجر الجنة مزامير من مزامير آل داود، في كل شجرة مزماراً، ثم تهب ريحٌ من تحت العرش يقال لها: المثيرة، تهب على تلك المزامير فتعزف تلك المزامير بألحانٍ ما سمعت بمثلها الآذان، ولهذا لا تتصور -يا أخي- عندما تترك الأغاني أنك خسران، لا والله لست بخسران، الخسران الذي يغني، يسمع عواء وصياح أهل النار وهو معهم، لكن أنت إذا تركت الأغاني فإنك سوف تسمع هذا الكلام، تغني لك الحوريات وهن يقلن:
نحن الراضيات فلا نبأس نحن الخالدات فلا نبيد
طوبى لمن كنا له
هذا هو الطرب الصحيح.
وإن سألت عن مطاياهم -أي: المطايا التي يتزاورون عليها- فنجائب أنشأها الله مما شاء، تسير بهم حيث شاءوا من الجنان.
وإن سألت عن حليهم فأساور الذهب واللؤلؤ على الرءوس، وعلى الرءوس ملابس التيجان.
وإن سألت عن غلمانهم -أي الخدم الذين يخدمونهم- فولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون.
هذا الخادم مثل اللؤلؤة فكيف يكون حال المخدوم؟ لا يعلم ذلك إلا الله.
وإن سألت عن زوجاتهم، وهنا ينبغي لك أن تفرح، لماذا؟ لأنك محروم في الدنيا من الحرام، محروم من الزنا، محروم من النظر المحرم، ولك زوجة حلال، أو زوجتين، أو ما استطعت من الزوجات بحدود أربع، لكن إذا ما قدرت فعليك أن تستعف وتصبر، واسمع ما أعد الله لك في الجنة، يقول الله عز وجل:{وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ}[الواقعة:٢٢ - ٢٣].
ويقول عز وجل:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}[الرحمن:٥٦] وبعد ذلك يقول: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}[الرحمن:٥٨].
ويقول عز وجل:{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}[الصافات:٤٩].