قليل من يحكّم أمر الله، بل حتى من الملتزمين، من الناس الذين فيهم خير من تجده يصلي، وتجد ثوبه قصيراً على السنة، وربما تجده متمسكاً بالسنة في لحيته، وفي أموره كلها، لكنه إذا رأى المرأة نظر إليها، الله يقول: غضوا، وهو ينظر إلى الحرام، لماذا؟ لأنه مسكين وقلبه مريض، ولا حول ولا قوة إلا بالله! غض بصرك ستشعر بمعاناةٍ وتعبٍ وقوة خارجة عن قوتك وعن إرادتك وتصرفك، إنها قوة الشيطان؛ لأن الشيطان لا يصطاد الناس من طريقٍ أعظم من طريق العين، يقول لك: انظر فقط، وبعد هذه تتكرر النظرة، ثم خطرة، ثم سلام، ثم كلام، ثم مواعيد، ثم لقاءات، ثم جرائم وزنا، ثم جهنم، بدأت بالنظر وانتهت بالنار.
لكن لو أنك أغلقتها من أول مرة لاسترحت، كما في المثل:"نافذة يأتيك منها ريح أغلقها واستريح" هذه عينك نافذة على الحرام، يأتيك منها ريح الزنا والحرام، أغلقها واسترح، وافتحها على كتاب الله، افتحها على النظر في ملكوت الله، افتحها بالتأمل في مخلوقات الله، والله يقول في هذا:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ}[ق:٦] ليس نظراً كما تنظر الدابة والبهيمة إلى ما تأكل عند قدميها فقط.
بعض الناس لا يرفع يوماً من الأيام بصره إلى السماء، يمكن يدخل الشهر وينتهي، بل السنة وتنتهي، وهو لم يرفع بصره ليقول: لا إله إلا الله سبحانك يا رب ما أعظمك! بل عيونه دائماً في المعارض والدكاكين والنوافذ والمجلات، لا يرفع بصره؛ فهذا مسكين مربوط إلى الأرض، مربوط هابط متلطخ بالقاذورات، قال الله:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}[ق:٦ - ٨] انظر الله يقول: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}[العنكبوت:٢٠]{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}[يونس:١٠١].