للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ملاحظات في عالم الطفولة]

أول شيء يخرج باكياً، ليس هناك طفل في الدنيا يخرج ضاحكاً, الأطفال جميعهم عربي وعجمي وسعودي وهندي وأمريكي إذا خرج إلى الدنيا فإنه يبكي, لماذا؟ قال العلماء: كان في بطن أمه في ضيق وخرج إلى السعة, كان في الظلمات وخرج إلى النور, المفروض أنه لما يخرج إلى السعة يضحك, لكن لماذا يبكي؟! لا يوجد مولود في الدنيا يخرج وهو لا يبكي, إلا عيسى عليه السلام فإنه خرج محفوظاً بأمر الله لم يقدر عليه الشيطان.

أما كل مولود فيخرج باكياً كما أوضح الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشيطان ينزغ الإنسان في جنبه الأيسر إذا خرج) كأنه يعلمه ويشعره ببدء المعركة, فيبكي الطفل.

- أن الولد يخرج قابضاً كفه, لا يوجد أحد يخرج ويده مفتوحة, لماذا؟ قالوا: هذا يعبر عن حرصه على الدنيا وعن استعداده للصراع.

- أن القابلة أو الممرضة أول عمل تعمله بعد خروج الجنين, قطع الحبل السري بالمقص، أي: تقطع رزقه الذي أجراه الله له وعاش عليه تسعة أشهر, لكن الله لم يقطع رزقه، إذا قطعوا رزقه الذي كان يأتيه عن طريق الحبل السري من أمه نقل الله الطعام من الحبل السري إلى الثدي, فتجد الأم ثديها ناشفاً ولا يوجد فيه شيء, ولكن ما أن يضع الطفل الصغير فمه على هذا الثدي ويمصه حتى تحن عليه الأم وتشفق عليه وترحمه، ثم يترجم هذا الحنان وهذه الشفقة في لبن من أحسن هيئة وأحسن كيفية لا حار ولا بارد، ولا حلو ولا حامض, من أخرجه من بين الدم والعروق؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو.

ولقد قال العلماء والأطباء: إن أفضل لبن يتغذى به الطفل هو لبن الأم؛ لأن الله خلقه وجعله دواءً له, وعدول الأم عن إرضاع ولدها من ثديها إلى الحليب الصناعي خطأ, ويترتب على ذلك مشاكل كثيرة تعاني منها الأم نفسها؛ لأن بعض الأمهات تقول: أنا لا أريد أن أرضع ابني أو ابنتي, لماذا؟ قالت: أريد أن أحافظ على رشاقتي, تريد أن تبقى رشيقة دائماً, ولكن أثبت الطب الحديث أن عدم إرضاع الطفل يسبب للمرأة أمراضاً منها سرطان الثدي، فسرطان الثدي عبارة عن خلل في نمو الخلايا الموجودة في الثدي، ويترتب عليه انتشار غير حميد يسمونه بالانتشار الخبيث، ثم يؤدي إلى استئصال الثدي كله بسبب عدم إرضاع الأم ولدها من ثديها.

أيضاً رابطة الحنان والحب والرحمة والشفقة بين الأم والابن تنعدم بسبب الإرضاع عن طريق الحليب الصناعي؛ لأنها إذا أرضعته وحنت عليه وضمته إلى صدرها وربته يمتلئ قلبها رحمة وحباً وتعلقاً به, وهو أيضاً يبادلها نفس هذه المشاعر وينعكس هذا على بره بها إذا كبر, فيصبح باراً لها قائماً بواجبه نحوها لماذا؟ لأنه يرد لها شيئاً من الجميل, ولكن من أول ما جاء المولود تركته وجعلته يرضع من الحليب الصناعي؛ ولذا تجد بعض الأولاد لا يحس أن أمه أمه, ولا يحن إليها ولا يرحمها ولا يحبها وهي أيضاً لا تحبه لهذا السبب, فلا بد أن ترضع الأم ابنها.