وهي أسفل طبقات النار، وهي للمنافقين -أعاذنا الله وإياكم منهم- يقول الله:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}[النساء:١٤٥] واختار الله لهم هذه الطبقة مع شدة عذابها ونكالها؛ لأنهم كانوا يخدعون أهل الإيمان، ويخادعون الله {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[البقرة:٩].
يقول الله:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}[البقرة:١٠] يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، قلوبهم قلوب أهل الإيمان، وأعمالهم أعمال أهل الكفر والشياطين -والعياذ بالله- فالله عز وجل يقول فيهم:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[البقرة:٨ - ٩]، وفي الحقيقة ما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}[البقرة:١٠] وهو مرض النفاق -والعياذ بالله- علامات النفاق معروفة؛ لأن النفاق ينقسم إلى قسمين: ١ - نفاق اعتقادي.
٢ - نفاق عملي.
فالنفاق الاعتقادي يخرج الإنسان من الملة -والعياذ بالله- ويخلده في النار.
والنفاق العملي يجعل فيه خصلة من خصال النفاق ولكن لا يخرجه بالكلية من الدين.
فالنفاق الاعتقادي هو: بغض الإسلام، وبغض الله والرسول صلى الله عليه وسلم، وكره تكاليف الشرع، حتى ولو مارسها وأداها وهو يبغضها فهذا نفاق؛ لأن المنافقين كانوا يؤدونها، يقول الله عز وجل:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}[التوبة:٥٤] كانوا يزكون لكن بالغصب، ويصلون لكن بكسل، فالله سماهم كفاراً، لا بد أن تصلي وأنت مرح مسرور، مبسوط القلب، منشرح الصدر أنك تؤدي صلاتك وتقف بين يدي مولاك وخالقك، وإذا أخرجت زكاةً فتفرح أن جعل الله يدك العليا، وجعل في مالك حقاً للفقير المسكين، وجعلك صاحب مال وثراء، كان بالإمكان أن تنقلب المسألة وأن تكون فقيراً تطلب، لكن الله جعلك من أصحاب اليد العليا، وهم خيرٌ من اليد السفلى.
فتفرح بهذا، أجل بغض الإسلام، أو بغض شيء من الدين، أو كراهية انتصار المسلمين، أو الفرح بانتصار الكفار، أو التشفي من أهل الإيمان؛ هذا نفاق اعتقادي.
النفاق العملي: لا يخرج من الدين ولكنه له خصال وهي خمس علامات: ١ - إذا وعد أخلف.
٢ - إذا حدث كذب.
٣ - إذا اؤتمن خان.
٤ - إذا عاهد غدر.
٥ - إذا خاصم فجر.
(فمن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها) هكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله يقول:{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ}[القارعة:٨] أي: من الإيمان وما عنده دين، {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}[القارعة:٩] أي: مكانه هاوية، وهؤلاء هم المنافقون الذين كانوا يتصورون أن معهم شيء من العمل بناءً على كلامهم الكاذب، لكنهم في الحقيقة كانوا يخادعون الله فليس لهم شيء، وموازينهم خفيفة وطائشة، {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ}[القارعة:٩ - ١١] والعياذ بالله.
هذه -أيها الإخوة- بعض أوصاف وصفات أهل هذه الطباق السبع.