[بالإيمان والدين ينشرح الصدر ويطمئن القلب]
إذا عرفت أنك تعيش لعبادة الله، وأنك عبدٌ من عباد الله، وأنك تعمل صالحاً لتلقى الجزاء عند الله، وتترك السيئات لتلقى الأجر عند الله، فإن قلبك يطمئن، وإذا حصل هذا لك انشرح صدرك، وهذا أثر من آثار نعمة الإيمان وهو انشراح الصدر، يقول الله عز وجل فيه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:٩٧] حياةً طيبة.
هو في الأساس كان حياً، لكن بالإيمان والعمل الصالح الله يحييه حياة أخرى، غير حياة البهائم، حياةً طيبة، هذا في الدنيا: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:٩٧].
قال العلماء: الحياة الطيبة هي: هدوء النفس واستقرار القلب والطمأنينة والسكينة، التي قال الله فيها: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد:٢٨ - ٢٩].
لماذا يحصل في القلب الأمن والطمأنينة بالإيمان؟ لأن الإنسان عرف لماذا يعيش، استقر قلبه على أنه يعيش لغرضٍ معين فسكنت جوارحه، فالله عز وجل يطمئنه في حياته، الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بماذا؟ بذكر الله، أي: بدين الله، لا يطمئن القلب بالمال، ولا يطمئن القلب بالزوجات، ولا يطمئن القلب بالوظائف والعمارات، إنما تطمئن الأجساد بهذا.
أما القلب فلا يطمئن إلا بالإيمان بالله، فإذا لم يحصل له هذا، عاش عيشةً ضنكاً، كما قال الله عز وجل: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه:١٢٤ - ١٢٧].
فهذا أثر عاجل لك في الدنيا، أن تعيش في أمن، وهل للإنسان مطلب غير أن يعيش سعيداً آمناً.
الآن التكالب على الدنيا والتنافس والتناحر عليها من أجل السعادة، ولكن والله لا توجد السعادة إلا في الإيمان بالله.
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد
السعادة ليست في أكل ولا في شرب ولا أن تسكن في عمارة، ولا أن تملك ملايين ولا أن تركب سيارة، ولا أن تتزوج زوجة هذه سعادة مادية.
السعادة الحقيقية: هي أن تكون على صلةٍ بالله، السعادة واللذة في ركعةٍ لله خاشعة، في تلاوةٍ لكتاب الله، في صيام يومٍ من أجل الله، في انتصارك على شهواتك، في استقامتك على دينك، هذه هي السعادة، والذي ذاقها لا يتخلى عنها ولو قطع قطعة قطعة.
يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيحين، عن أنس رضي الله عنه قال: (ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان -ومن ضمنها قال:- أن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار).
لو خُيِّر بين أن يرتد عن الدين أو يقذف في النار؛ لاختار أن يقذف في النار ولا يرجع إلى الكفر، لماذا؟ ذاق حلاوة الإيمان، ذاق طعم الإيمان وقد رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
ومن آثار نعمة الإيمان أن تعرف لماذا خلقت.
ومن الآثار أن الله يرزقك الأمن والطمأنينة في قلبك.