أما كيفية تحصيل هذه النعمة؛ فسبيلها سهل، وطريقها يسير، كما يقول ابن القيم: هلمَّ لتدخل على الله من أقرب الطرق وأوسع الأبواب؛ لأن من الناس من يريد الهداية ولكن الشيطان يضخمها عليه، ويقول له: أنت لا تستطيع أن تهتدي، والدين ثقيل وكبير جداً، ولا مانع من أن تتدين لكن لا تأخذ الدين بعروقه -كما يقولون- وإنما خذ ورقة من رأس الدين، وعندها هل سيكون معك دين؟ إذا أردت أن تزرع شجرة في بستانك فماذا يتطلب الأمر منك؟ أن تأخذ (الشتلة) بعروقها، لكن لو جئت تأخذ من رأس الشجرة ورقة وتغرسها في البستان، فهل تغرس لك شجرة؟ لا.
لابد أن يؤخذ الدين بكليته، والله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}[البقرة:٢٠٨] لا يوجد دخول جزئي أو نصفي، أو فيما أريد وأترك ما لا أريد فلا آخذ من الدين، إلا الذي يوافقني، لا.
لابد أن تأخذ الدين جملة واحدة؛ لأن التشليح في الدين لا يصلح، هل تأخذ سيارة ناقصة، لو جئت تشتري سيارة، وجئت تنظر إلى الإطارات وإذا بالإطار فيه ثلاثة مسامير والرابع ليس موجوداً فيعتبر هذا عيباً فيها، فلن تشتريها، وإذا اشتريتها تذهب بها على أن تكمل النقص، لا تريد أن تمشي في سيارتك وهي تنقص مسماراً واحداً، لكن من الناس من يريد ديناً؛ لكن ليس معه من الدين إلا ما يعادل مسماراً واحداً، بعض الناس ما معه من الدين إلا (البوري)، يعني: معه إسلام لكن ليس فيه شيء، لو نظرنا إلى شخص ركّب له في رأسه (بوري) ووضع له (حجاراً) ويمشي في الشارع ويضرب (بوري) نقول: ما هذا؟ يقول: سيارة أما تنظرون إليها؟ نقول: والله هذا مهبول وليس معه عقل، ومن الناس من ليس معه من الدين إلا المساحات، أو العيون.