[حقيقة التربية]
قال: (أو ولد صالح يدعو له) ليس صحيحاً -أيها الإخوة- ألا يفهم الرجال والنساء من دورهم في التربية إلا دور التغذية والعلاج والكسوة والنزهة والتدريس والوظيفة وأن يعطوا هذه الجوانب جُلَّ اهتمامهم ثم يضيعوا الجانب الرئيسي والمهمة الأساسية لهم، وهي تربية أبنائهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول الله سبحانه وتعالى وهو يحدد المسئولية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [التحريم:٦] نداء يستلهب فيك مشاعر الإيمان، كأن الله تعالى يقول: ما دام أنكم مؤمنون فانتبهوا لهذا الأمر، وما هذا الأمر؟ يقول أحد السلف: [إذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك؛ فإنه إما خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه].
فالله سبحانه وتعالى يناديك بأحب دعاء، وبأعظم نداء، وهو نداء الإيمان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ} ابدأ بنفسك أولاً؛ لأن الذي لا ينقذ نفسه لا ينقذ غيره، والذي ليس فيه خير لنفسه ليس فيه خير للناس: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} لم يقل الله تعالى: قوا أنفسكم وأهليكم جوعاً، ولم يقل: قوا أنفسكم وأهليكم مرضاً، ولم يقل: قوا أنفسكم وأهليكم برداً، ولم يقل: قوا أنفسكم وأهليكم حراً، فهذه جوانب ثانوية، وأما الشيء الأساسي فهو أن تقي نفسك وأهلك من النار، وأنا أسألكم بالله: هل من يضع (الستلايت) على بيته وقى أهله النار أم أوردهم إياها؟ لقد أورد النار على أهله.
أورد النار في (الستلايت) يفتح ذراعيه للسماء ليرحب بالشر! إذا أتيت لترحب بضيفك وأنت تحبه تقول: ألف مرحب، وهذا يرحب بالشر من جميع قنوات الفضاء الفضاء مملوء بقنوات الشر، وهذا يقول: تعال مرحباً، ثم يصبه على زوجته وأولاده، ويدفع خمسة عشر ألفاً أو عشرين ألفاً إيجاراً على نفسه إلى جهنم.
لا يريد أن يدخل النار إلا بإيجار، لا إله إلا الله!! أين عقول المسلمين؟! أين أهل لا إله إلا الله؟! أين أهل التوحيد؟! أين أهل إياك نعبد وإياك نستعين؟! أين الغيرة من قلوب الرجال، عندما ترى الرجل يترك أولاده وبناته وزوجته يرون المنكر يصطنع أمامهم؟! هذا يغث وهذا يقبل وهذا يعانق ثم يذهب لينام ويترك أولاده على الشر والعياذ بالله! إن أول مسئولية تتعلق بذمتك أيها المسلم: أن تقي نفسك وأولادك النار، والله سبحانه وتعالى يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه:١٣٢].
أكثر اهتمام الآباء الآن أنه يرزق الأولاد، والله تعالى يقول: {لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً} [طه:١٣٢] ألا توجد عندك ثقة في كلام الله؟! يقول: {لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه:١٣٢] (نحن) أي: الله تعالى: {نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه:١٣٢] أي: الرزق مكفول، مهمتك ووظيفتك هي أمر أهلك بالصلاة والرزق سوف يأتي، أما أن تضيع الصلاة ثم تذهب لتبحث عن الرزق ولا تدري أصلى أولادك أم لا؟ وهل زوجتك صلت ولا تسألها، فأنت لا يوجد عندك ثقة في الله عز وجل، وكأنك تقول: لا يا رب رزقي ليس عندك، أنا الذي لا بد أن أجلب رزقي ولو ضاع ديني -والعياذ بالله- {نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:١٣٢].
ولهذا أيها الإخوة: حرصت الشريعة في كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيان وتوضيح مسئولية الآباء والأمهات تجاه الأولاد والبنات، حتى لا يفهم الناس فهماً مغلوطاً، ويظنون أن المسألة بسيطة، لا.
فمن يوم أن تزوجت وأصبح لك أولاد أصبحت مسئولاً، فينبغي عليك أن تراقب نفسك وتصرفاتك، وتعرف كيف تتكلم، وتأكل؟ وكيف تشرب؟ وماذا تتناول؟ وأين تذهب؟ وأين تجيء؟ وكل الأخلاقيات التي عندك لها انعكاساتها الخطيرة على أولادك! لا تكذب؛ لأن أولادك سيصبحون كذابين لا تسرق؛ لأن أولادك سيصبحون لصوصاً لا تدخن؛ لأن أولادك سيأتون مدخنين لا تضع الصلاة؛ لأن أولادك سيأتون مضيعين للصلاة لا تغن؛ لأن أولادك سيأتون مغنيين لم يعد الأمر مقتصر عليك أنت فقط، بل أصبح لديك سلسلة وراء ظهرك، ليتك قعدت فاسداً لوحدك! ولكنه فاسد وأحضر معه طابور المفسدين، والعياذ بالله.
كذلك الأم لقد عقمت أرحام النساء عن أن تخرج لنا رجالاً أمثال خالد وطارق، أين هؤلاء أيها الإخوة؟! هؤلاء من أين تخرَّجوا؟! من الأمهات الصالحات، ولكن إذا كانت الأم فاسدة وكذابة فسوف تأتي ابنتها وولدها أكذب منها؛ الأم قليلة دين لا تصلي وسوف يأتي أولادها مثلها الأم تحب الأفلام والمسلسلات سيكون أولادها كذلك الأم تحب الأغاني والبنات ستحب الرقص.
إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص