الجوع -يا إخواني- مصيبة! كيف إذا دخلت بيتك -يا أخي المسلم- على زوجتك وأولادك وقالوا: لا يوجد عشاء، تقول: ابحثوا لنا قالوا: لا يوجد شيء، الولد يبكي والمرأة تبكي وأنت جائع وتعرف أنه ما في السوق ولا في الجيب شيء، وهذا والله كان يمر على الناس، كان الرجل إذا رأى الضيف يهرب، ماذا تقدم له فلا يوجد سوق مفتوح، وإن وجد سوقاً مفتوحاً فلا يجد فيه شيء وإن كان فيه أي شيء فلا يوجد مال يشتري به، فقر وجوع ومرض وخوف وهلع لا يعلمه إلا الله، ثم بدل الله أحوالنا كلها، بدَّل الله ملابسنا الآن وأصبحت ملابسنا فاخرة وجميلة ومتنوعة، أما الأولون فكانت ثيابهم كلها شكل واحد مبرم، مبرم كأنه -والعياذ بالله- جلد جمل، وإذا لبس المبرم هذا يلبسه ويصونه، وبعض النساء يأتي لها أولاد ومازال ثوب عرسها معها، وبعض الرجال يلبس ثوبه سنة وسنتين وثلاث، وإذا تمزق يضع له رقعة سوداء أو حمراء أو غبراء أي لون، وإذا تمزق من الركبة يضع له رقعة، وكذلك من مقعدته، وبعدها لا يغسل الثوب، وإذا قيل له: اغسل ثوبك؟ قال: إني إذا غسلته فإنه سيتمزق؛ لأني أريد الوسخ يقويه لكي لا يتمزق وما كانوا يلبسون سراويل ولا فنايل ولا شرابات ولا غتر، ولا بجامات ولا أكوات، ولا مشالح، ولا ثياب صيف ولا ثياب شتاء.
لا إله إلا الله! لا إله إلا الله! من هو الذي في بيته إبرة؟ إذا تمزق الزرار من الثوب هل ترد الزرار؟! لا.
بل يرمي، انقطع ماذا أعمل به؟ ومن هو الذي يرقع ثوبه إذا تمزق؟ لا يوجد شخص يرقع، بل والله يرمونها وهي جديدة وما تمزق فيها شيء، لكن يقول: قد لبسته كثيراً أريد غيره، وبعضهم تدخل دولابه ترى أمامك (٢٠) بدلة و (٢٠) ثوباً من كل شكل، وقد كان الناس من قبل ليس عندهم هذا الشيء، فمفارشنا في الماضي كانت خرائق معلقة لا نفرشها إلا في العيد فقط، وليست هي معلقة دائماً، فإذا أتى الضيف يرقد عليها، وإذا وجد ملحف، فلا تجد فيه شعرة ويفرشونه على الجميع، ثم يأخذون الملحف كلهم ولا يوجد لكل واحد فراش خاص وغرفة نوم يتقلب من طرف الغرفة إلى طرفها (٤م × ٣م) هذه نعمة أم ليست بنعمة؟! وبعد هذا كله موكيت وكنبات (بترينات) اسفنجات وقطنيات من كل ما لذ وطاب -فنحمد الله الذي لا إله إلا هو- أما المآكل والمشارب فحدث ولا حرج، فأنتم تعرفون ذلك.