للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يوم القيامة]

(يوم القيامة) ورد هذا الاسم في كثير من آيات الله؛ لأنه الاسم الدال على هذا اليوم، يقول الله عز وجل: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ} [النساء:٨٧] ويقول: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً} [الإسراء:٩٧] يحشر الله الكفرة، والفسقة الذين تعاموا وتصامّوا في الدنيا عن دين الله يحشرهم الله على وجوههم من جنس صنيعهم وفعلهم: لما تعاموا في الدنيا أعماهم الله هناك في الآخرة، ولما تصامُّوا عن الدين، كما يفعل كثير من الناس الآن يصمّ أذنيه فلا يريد أن يسمع هدى الله، حتى لو أعطيته شريطاً وقلت له: اسمع، يقول: يا شيخ! اتركنا لا تعقدنا، تلاحظ أنه أصم، لكن أعطه شريط أغانٍ، يقول: شكراً على هذه الهدية، إذا قلت له: خذ كلام الله، لا يريده، وإذا قلت: خذ كلام الشياطين، يريده، لماذا؟ تراه أصم أذنيه عن دين الله، وإذا أعطيته كتاباً، أو مجلة إسلامية، أو جريدة إسلامية، أو موضوعاً إسلامياً، وتقول له: اقرأ، يقول: ما هذا؟! شكراً!! لكن أعطه مجلة رخيصة هزيلة، عارية فاضحة، يقول: شكراً.

لماذا؟ لأنه أعمى، لا يريد أن ينظر إلى دين الله، أو يسمع كلام الله، أو حتى يتكلم بشيء مما يرضي الله عز وجل، هؤلاء يحشرهم الله يوم القيامة من جنس صنيعهم: عمياً كما كانوا عمياً هنا، بكماً كما كانوا بكماً هنا، صماً كما كانوا صماً هنا.

والزيادة ماذا؟ {عَلَى وُجُوهِهِمْ} [الإسراء:٩٧] كيف على وجوههم؟ سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية ذلك فقال: (أليس الذي أمشاهم في الدنيا على أقدامهم قادر على أن يمشيهم يوم القيامة على وجوههم؟) بلى قادر.

وفي الدنيا حيوانات نعرفها تمشي على وجوهها كالزواحف والحيات والثعابين، كذلك هذا يبعث يوم القيامة كالحية يمشي على بطنه أو وجهه -والعياذ بالله- والله يقول: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:٤٨ - ٤٩] فهذا يوم القيامة، يقول الله فيه: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ} [الإسراء:٩٧] أي: كلما انطفأت وخف توهجها {زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} [الإسراء:٩٧] ويقول: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:١٥] والله هذا هو الخسران، ثم يقول الله بعدها: {أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر:١٥] ليست الخسارة أن تخسر وظيفتك، أو زوجتك، أو دراستك، أو سيارتك أو عمارتك، نعم.

كل خسارة يوجد عوض عنها، يقول الشاعر:

وكل كسر فإن الدين جابره وما لكسر قناة الدين جبران

كل كسر في الدنيا ومعك دين فهو يجبره، لكن إذا انكسر دينك فمن يجبره؟! {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر:١٥ - ١٦] هذه هي الخسارة، ولا حول ولا قوة إلا بالله! والقيامة مصدر من قام يقوم قيامة أو قياماً، من أصل كلمة (قام)، ودخلتها تاء التأنيث للمبالغة والتعظيم في هولها وعظمها، وهي مأخوذة من قيام الناس لرب العالمين، يقول الله عز وجل: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٦] ويوم القيامة هو من أبرز أسماء اليوم الآخر.