للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأمور التي تعين على تقوية الإيمان]

السؤال

ما هي الأمور التي تقوي الإيمان في قلب المسلم؟ ومتى يجب على المسلم أن يداوم على ذلك حتى يصبح قوي الإيمان؟

الجواب

يقول السلف: كنا لا نتجاوز العشر آيات من القرآن حتى نعيهن ونتدبرهن ونعمل بهن ونطبقهن، هذا الذي ينفع، أما فقط قراءة هذرمة، لا تنفعك ولا تغني عنك يوم القيامة، الله أنزل القرآن لا لتقرأه هكذا، الله تعالى يقول: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:٢٩] هذا الأول: قراءة القرآن، ولكن تستعين أيضاً بالله، ثم ببعض الكتب المفسرة للقرآن الكريم، بعض الكتب التي تفسر لك بعض مفردات القرآن، وبعض أسباب النزول، وبعض الأقوال المأثورة فيه، أو القول بالرأي فيه، حتى تكون عندك ثقافة قرآنية كبيرة، تفهم فيها مراد الله عز وجل.

الأمر الثاني: قراءة سنة النبي صلى الله عليه وسلم -أي: الحديث الشريف- وليكن في كل يوم تقرأ حديثاً واحداً، ولو استمريت على هذا سيكون معك في الشهر ثلاثون حديثاً، وفي السنة ثلاثمائة وستون حديثاً، وفي عشر سنوات تصير محدثاً كبيراً، تعرف الحديث، ودرجة صحته ومفرداته اللغوية، والأحكام الشرعية المستنبطة منه، وماذا يعنيك منه؟ وهل طبقته أو ما طبقته؟ وأخصر كتاب أدلكم عليه هو كتاب رياض الصالحين، الذي احتوى على الأحاديث الصحيحة وليس فيه حديث موضوع، والأحاديث الضعيفة فيه قليلة، فما فيه إلا بضعة عشر حديثاً ضعيفاً، ولكنها من فضائل الأعمال، وهو من أصح الكتب، وهو مبوب على أبواب تستفيد منها في كل شئون حياتك، لا بد يومياً بعد ما تغلق القرآن تأخذ رياض الصالحين وتقرأ فيه حديثاً، وتسأل نفسك فيه، وتطبقه حتى تحفظه؛ لأنه لا يمكن أن تحفظ حديثاً وما عملت به، فمن وسائل حفظ الأحاديث العمل بها.

الثالث: الحرص على ممارسة العبادات والفرائض وفي جماعة المسلمين، وبكامل الطهارة والخشوع والخضوع، وفي الصف الأول، وتحرص باستمرار على الصلاة في الصف الأول، وأن تحج، وأن تصوم أحسن صيام، وتؤدي كل الفرائض الشرعية، وتحرص على ممارستها حرصاً قوياً.

الرابع: البعد كل البعد عن المعاصي والذنوب؛ فإنها تحرق الإيمان وتنسف الإيمان من الأساس، فإن الإيمان مثل الشجرة يغذيها الماء ويحرقها البنزين، لو وضعت تحت شجرة ناراً، ماذا يصير؟ تحترق، أو صابوناً أو بنزيناً أو جازاً تحترق، فأكثر الناس الآن يريد إيماناً وهو يغني، يحرق الإيمان بالأغاني، ويحرق الإيمان بالنظر المحرم، ويحرق الإيمان -والعياذ بالله- بقلة الدين، فلا تعص الله؛ لأنك إن عصيت الله ضعف إيمانك، فحاول أن تبني وتحمي، لا أن تبني وتهدم.

هذه الرابعة؛ الحرص كل الحرص على الابتعاد عن الذنوب صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها، ظاهرها وباطنها، المتعلق بالقلب وبالجوارح، كل الذنوب حاول ألا تقع فيها، وإذا وقعت في شيء فسارع بالتوبة والرجعة إلى الله عز وجل.

الخامس: أن يكون لك قرين وصاحب خير، زميل تختاره اختياراً كما تختار الذهب الأحمر؛ لأنه:

إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

عليك أن تختار القرين الصالح، والزميل المناسب، الذي في مثل دينك أو أكثر؛ لأنه إذا كان أكثر منك سيسحبك معه، أما إذا كان أقل منك سينزلك معه.

هذه الخامسة؛ أن يكون لك زميل صالح.

كيف تختاره؟ من خلال الممارسة تراه، من أين تتعرف عليه؟ من المسجد، في الصف الأول، يقرأ كلام الله، فيه حب للخير، تمشي معه أول يوم، أقيمت الصلاة وإذا به مباشرةً معك، كذلك إذا قرأت القرآن، لكن من يوم أن ترى منه دعوة إلى أي معصية أو إلى تثاقل عن طاعة الله فاحذر منه فإنه شيطان.

السادس من الأمور التي تقوي الإيمان وتحفظه وتزيده: الحرص كل الحرص على الابتعاد من قرناء السوء؛ لأن قرين السوء مثل الجمل الأجرب الذي يعدي ولا ينفع، فلو أدخلنا جملاً أجرب بين سبعين جملاً صحاح، هل تتعاون السبعين على أنها تقيه العافية من الجرب، أم هو يستطيع أن يعديها كلها؟ هو يعديها كلها وتصير بعد سنة جرباء كلها، لكن هي لا تتعاون على أن تصلحه؛ لأن الشر ينتشر، والخير يصعب انتشاره إلا بصعوبة.

هذه هي وسائل تقوية الإيمان إن شاء الله تعالى، نسأل الله أن تداوم عليها يا أخي السائل! وأن يزيد الله إيمانك، وأن ينور الله بصيرتك.