من الناس من ساء فهمه للصيام؛ وهذا نتيجة البعد عن حقائق الدين وأسرار الإسلام، إذ لم يفهم الكثير من الناس من الدين إلا المعاني الظاهرة والصور الباهتة الميتة، كما يفهم من الصلاة أنها قيام وقعود وركوع وسجود، ولكن قلبه في وادٍ والصلاة في وادٍ آخر، فهذا لم يعرف الصلاة حقيقة، فتراه يصلي وهو يحك ظهره، وينقر أنفه، ويحرك ساعته، فإذا سجد رمى بنفسه على الأرض، حتى في التراويح ترى أكثر الناس لا يصدق أنه أكملها، ولكنه يخرج بعد التراويح الساعات وهو في الأسواق يعرض ويدور، ولا يشعر بتعب، لكن نصف ساعة هنا كأنها عشرون ساعة، ويخرج ويصيح على الإمام، ويقول: زودها يقرأ صفحة، يريد أن يكسر أرجلنا، هذا منفر عن الدين! إذاً لماذا تقف في المعرض ثلاث ساعات خلف المرأة وهي التي تقودك بأنفك تريد أحذية، فهذه أحذيه ليست جميلة، فيذهب من معرض إلى معرض، وآخر شيء تقول له: والله ما وجدت شيئاً جيداً الليلة؛ لكي تخرج الليلة المقبلة، ثلاث ساعات وراء أحذية لا تمل، وأما نصف ساعة وراء الإمام في روضة من رياض الجنة، تسمع كلام الله والملائكة معك والله يرضى عنك، ويكتب لك حسنات، وما أن ينتهي منها كأنه طائر في قفص!! لماذا؟ لضعف الإيمان، ولعدم فهم الحقيقة الشرعية للصلاة، فالصلاة هي حركة القلب قبل أن تكون حركة البدن.
والصيام له معانٍ عظيمة في الإسلام، ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، فإن الامتناع عن الطعام والشراب والنكاح صورة من صور العبودية والتذلل والاستسلام، أما المعاني الحقيقية فهي أبعد من ذلك، ومنها ما قد ذكرها الشيخ سلمان العودة حفظه الله ووفقه في وقفاته المباركة ثلاثون وقفة في رمضان التي هي الآن تقرأ في المساجد.