[التكاليف الشرعية امتحان لإثبات الإيمان]
حتى تربح الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، لا بد أن تحقق هذه الثلاثة الأمور: أن تقول بلسانك، وتعتقد بقلبك، وتطبق بجوارحك، وهذا الأمر ليس أمراً سهلاً بل هو صعب، ولهذا رد الله عز وجل على من يظن أن هذا الأمر سهل، وقال في أول سورة العنكبوت: {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:١ - ٢] أي: كيف لا يفتنون ويختبرون، وقد قالوا: آمنا؟ إذ لا بد من الاختبار والابتلاء.
وقد فتن الله واختبر العباد بالتكاليف الشرعية، أما تدري أن هذه التكاليف التي فرضها الله علينا نوع من الامتحان؟ صلاة الفجر امتحان؛ لأن الله جعلها في وقت النوم والراحة، صيام رمضان امتحان، خاصة عندما يأتي في فصل الصيف، الحج جزء من الامتحان، المداومة على الصلاة في المسجد وبرمجة الحياة على أساس الصلاة، هذا من الامتحان.
كذلك تحريم المحرمات والشهوات نوع من الامتحان، كونك ترى شيئاً وقلبك يتطلع إليه، وعندك ميل إليه، لكنه محرم فتمتنع عنه؛ ابتلاء، يقول الله تعالى: {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:١ - ٢] ويقول عز وجل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:٢١٤].
فلا تتصور أن السلعة بسيطة، لا، السلعة غالية ولهذا فثمنها غالٍ، يقول الشاعر:
تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر
فأنت تخطب الجنة، ولهذا لا تتصور أن السلعة رخيصة، يقول ابن القيم في النونية:
يا سلعة الرحمن لست رخيصةً بل أنتِ غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها في الألف إلا واحد لا اثنان
من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون في جهنم وواحد إلى الجنة، فليست حظيرة بقر، كل من جاء دخل، لا.
لا يدخلها إلا واحد من الألف:
يا سلعة الرحمن كيف تصبَّر الـ خُطَّاب عنكِ وهم ذوو إيمان
يا سلعة الرحمن سوقكِ كاسد بين الأراذل سفلة الحيوان
هذا أيها الإخوة هو الشق الأول من عنوان المحاضرة، الإيمان حقيقته.