الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والترمذي قال: (عليكم بسنتي -أي: هديي وطريقتي- وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ) والنواجذ هي: الأسنان الواقعة في طرف الأضراس مما يلي الجسم، والنواجذ لا تستعملها أنت إلا في الأشياء الصعبة، إذا كان معك عظم تريد أن تكسره فتضعه بين هذه النواجذ، فالنبي صلى الله عليه وسلم، يقول:(عضوا عليها -أي: هذه السنة- بالنواجذ) كناية عن التمسك بالسنة بأقصى قوة، وبأعظم إمكانية وهي النواجذ، وفي هذا استعارة لطيفة من بلاغته صلوات الله وسلامه عليه، ثم قال:(فإنه من يعش منكم فسيرى بعدي اختلافاً كثيراً) يخاطب الصحابة أن من يعيش بعده منهم فسيرى اختلافاً، فكيف بمن بعدهم؟ كيف وأنتم في كل يوم تضيعون سنناً وتحدثون بدعاً؟! وهذه من البدع التي أحدثها أعداء الله، اقتبسوها من النصارى وسموها ديناً، ووصفوا من لا يفعلها، والذي يذب عن هديه، ودينه، يسمونه (وهابي) يقولون: أنت لا تحب الرسول صلى الله عليه وسلم، سبحان الله! كيف انقلبت المفاهيم وانعكست الموازين، وأصبح أتباعه هم أعداؤه، وأصبح المبتدعة هم أحبابه، يقولون: نحن أحبابه، وقد خسئوا فهو منهم براء، صلوات الله وسلامه عليه.
(إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، ثم قال: وإياكم -تحذير- ومحدثات الأمور) أي: في الدين، ليس المحدثات في الأمور العادية وعادات الناس، يجب أن يفهم الناس ما معنى المحدثة، المحدثة في الأمر أي: في أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، أما في عادات البشر فليس عليه حرج، كونك تركب سيارة، أو تأخذ ثلاجة، أو تلبس ثياباً، أو تفرش بيتك، هذه كلها لم تكن موجودة وهي مما أباحه الله عز وجل.
إنما الشيء المرسوم، والمحدد بإطار معين، والمحاط بسور الاتباع هو دين الله، وما أمر به الله أو أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وقد سمعت شخصاً من المبتدعة المفتونين يتكلم ويكتب ويقول: إن البدعة منها ما هي بدعة حسنة، ومنها ما هي بدعة محرمة وغير ذلك، فقسم البدعة إلى خمسة أقسام على أقسام الحكم التكليفي.
الحكم التكليفي كما تعرفون في الأصول أقسامه خمسة، فقال: بدعة محرمة، وبدعة مكروهه، وبدعة واجبة، وبدعة مستحبة، وبدعة مباحة.
الله أكبر! ما هذا الفقه؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) كل ضلالة في جهنم.
فهذا الحديث يبين لنا أنه لا ينبغي لأحد أن يستن إلا بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وبهدي خلفائه الراشدين، وألا يعمل أمراً أو يضيف ديناً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد خلفائه الراشدين، فالدين ما شرع الله وما سن رسوله صلى الله عليه وسلم.