هذا الفم عبارة عن مصنع صغير لتجهيز الطعام، عندما تأكل الطعام عن طريق هذا الفم، وهذا الفم يقوم مباشرة بعملية التقطيع والطحن والتمزيق والتقليب، جعل الله فيه أداة اسمها: اللسان، هذه الأداة تقوم بخلط الطعام، وجعل الله فيه مجموعة من الأضراس تتقاسم الأدوار، فهنا اثنان للتقطيع، فإذا أردت أن تقطع شيئاً تضعه عند القواطع، واثنان للتمزيق وهي الأنياب، والبقية للطحن من أجل أن تطحن بها، فإذا كنت تريد أن تقطع تمرة فتضعها في موضع معين وإذا أردت أن تقطع قطعة خبز فتضعها بكيفية أخرى، ولكن تريد أن تطحن فتحول على الأسنان الداخلية من أجل أن تطحن، كما أن الله جعل لك خلايا يسمونها غدداً لعابية تقوم بإفراز اللعاب، فاللسان يعمل، والأسنان تعمل، وتلك الغدد تقطر اللعاب كي تهضم الطعام، فإذا أصبح الطعام جاهزاً قذف به عبر البلعوم، وهناك قناة تليها اسمها المريء، فالمريء للطعام والبلعوم ينظم دخول الطعام والهواء.
وهناك قصبة هوائية غضروفية تنتهي بالحنجرة، وهي مفتوحة دائماً لدخول الهواء.
أما البلعوم والمريء فقد جعلها الله من أجل أن تسمح بدخول الطعام وعدم خروجه، ولذا حين تأخذ الطعام وتبتلع اللقمة فالمريء فيه عضلات لا تسمح بعودة شيء إلى الأعلى، لكن يسمح بمرور الشيء، وبمجرد دخولها فإن العضلات تعصرها حتى تنزل، ولولا هذه العضلات لكنت تحتاج كلما ابتلعت لقمة أن تأتي بعصا وتدفعها في فمك حتى تنزل، ولكن اللقمة تنزل بسهولة، وإذا أردت أن ترجع اللقمة لا ترجع، فبعض الرياضيين ينتكس على رأسه وبطنه ممتلئ فهل يخرج من فمه شيء؟ لا.
لماذا؟ لأن العضلة لا تسمح بذلك، متى تسمح؟ في حالة واحدة يسمونها الاستفراغ، إذا كان في الإنسان مرض، أو إذا ملأ إنسان معدته فوق طاقتها، فيقوم المخ بإرسال إشارة إلى تلك العضلة لإخراج الزائد.
كما أن الأسنان مركبة ومرتبة ترتيباً خاصاً، فتجد الثنايا في الأعلى وتقابلها ثنايا مثلها في الأسفل، وناباً تحته ناب، وضرساً تحته ضرس حتى تتم الاستفادة منها، إذ لو ركب الله ناباً في الأعلى وركب ضرساً في الأسفل يقابله لما أدت عملها بشكل صحيح، كذلك لو ركب الله ثنية يقابلها ضرس.
بعد ذلك أسنان الفك العلوي تنمو إلى أسفل، وأسنان الفك السفلي تنمو إلى أعلى، ثم تلتقي في مستوى معين وتتوقف عنده، من الذي أوقف نمو أسنانك عند هذا الحد؟ لماذا لم يستمر نمو الأسنان إلى أن وصل سنك إلى رأسك؟ ونزل السن الآخر إلى أن وصل إلى بطنك؟ فكيف تعمل بها؟ لا إله إلا الله! الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى!