للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحجاب ستر وعفاف وعبادة]

السؤال

مِن أسباب فتنة بعض النساء للرجال: جهلهن بصفة الحجاب الشرعي وحكمه، فنأمل من فضيلتكم بيان ذلك؟

الجواب

الحجاب أيها الإخوة! كما سبق وأن قلنا: هو دين وشريعة، تعبَّد الله المرأة به، كما تعبَّدها بالصلاة وبالزكاة وبالصيام وبالحج، أيضاً تعبَّدها بالحجاب، فالذي شرع الحجاب هو الذي شرع الصلاة، والذي أمر بالحجاب هو الذي أمر بالزكاة، فالمرأة تمارسه لا على أنه عادة، أو أنه تقليد، أو أنه نوع من الكبت، لا، بل تمارسه لأنه مأمور به شرعاً، تلبس الحجاب وهي تستشعر وقوفها بين يدي الله، فإذا استشعرت هذا، وجدت لذة وأنساً وطعماً لهذا الحجاب، الذي تنفِّذ فيه أمر ربها وخالقها.

الحجاب أيها الإخوة! الحجاب ليس جلباباً فحسب، بل الحجاب عقيدة ودين، مَن الذي أمر أيها الإخوة! أيها الأخوات! يا من تسمعون كلامي في المسجد أو في خارج المسجد! مَن الذي أمر بالحجاب؟! إنه رب الأرباب، إنه الله، يقول الله للنساء: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ} [النور:٣١] بدأ الحجاب هنا {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ} [النور:٣١] الخمار هو: الغطاء الذي تغطي به رأسها، تضرب المرأة بخمارها على جيبها {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:٣١] أي: مروراً بوجهها، {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا} [النور:٣١] لثمانية أصناف من الأقارب، وأربعة من غير الأقارب، {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] البعل، وهل يحتاج الأمر إلى بيان هذا، معروف أن المرأة تبدي زينتها لبعلها؛ لكن لماذا الله يذكرها؟! لبيان أن غيره حرام، {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور:٣١] أبوها؟! ينص الله على أنها تكشف وجهها له حتى يكون على غيره حراماً، {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] أبو بعلها، {أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} [النور:٣١] أولادها، {أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] ولد زوجها من غيرها، وهي عمَّته، {أَوْ إِخْوَانِهِنَّ} [النور:٣١] إخوتها، {أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ} [النور:٣١] أبناء أخيها، {أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} [النور:٣١] أبناء أختها، فقط، وقُفِلَ الطريق، لم يعد هناك أحدٌ من الأقارب.

أما ولد العم، وولد الخال، والجماعة؟! لا، (الحمو الموت)، فأخو الزوج هو الموت؛ لأنه أجنبي، لو مات الزوج لتزوجها بعده، ما الذي يمنع؟! فلا يجوز.

أما الأربعة من غير الأقارب {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور:٣١] المرأة تكشف على المرأة، {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور:٣١] امرأة غنية وعندها عبد مملوك ملك اليمين فهي تكشف عليه؛ لأنها سيدته؛ ولكن لا تكشف عورتها، {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور:٣١] التابع للزوج، كالخادم، والسائق، والعامل، وأي واحد يتبع الزوج، تحت كفالته، أو تحت سيطرته وهيمنته؛ لكن بشرط أن يكون هذا السائق أو هذا العامل مَخْصِيَّاً، هذا كلام الله، {أَوِ التَّابِعِينَ} [النور:٣١] ماذا؟! {غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ} [النور:٣١] يعني: مَخْصِيَّاً، ليس معه ما مع الرجال؛ لكن إذا كان السائق ليس مَخْصِيَّاً، وتجعله يوصل المرأة؟! أين الغيرة يا إخواني؟! لا إله إلا الله! إنا لله وإنا إليه راجعون! والله مصيبة! أشهد بالله أنَّا نضحك مما يُبْكى منه يا إخواني! ثم قال بعدها: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ} [النور:٣١] الطفل؟! الطفل له قيود؟! نعم، ولو كان طفلاً، بشرط: أن يكون الطفل هذا لم يظهر على عورات النساء، أما لو كان رجلاً بالغاً فهذا ليس فيه خلاف سواءً ظهر أم لم يظهر؛ وإذا كان طفلاً عمره ست سنوات، ويعرف كيف يميز الجميلة من القبيحة فإن المرأة تحتجب منه؛ لأن بعض الأطفال ولو كان عمره خمس سنوات تجده ذكياً مميزاً، يدخل البيت ويرى المرأة ويصورها كلها ماذا بك؟! دخلت البيت وفيه امرأة جميلة.

فهذا يجب أن تحتجب منه؛ لأنه يعرف الجميلة من القبيحة، {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:٣١].

هذا كلام الله يا إخواني! فالمرأة المؤمنة تمارس الحجاب على أنه طاعة، ولذا تلبسه وتهتم به، بأن تغطي كل شعرة، وظفر وبشرة منها، لا يظهر منها شيء، تلبس القفازين في يديها، وتلبس (الشراب الأسود) في رجليها، وتلبس الحذاء العادي الذي ليس بكعبٍ؛ لكي لا يرفع عجيزتها، وتلبس الغطاء المتين الذي لا يصف ولا ينمُّ عن وجهها، وتلبس العباءة المسيطرة والمهيمنة على كل جسمها، ثم إنه ليس هناك عباءة مزركشة، في لبس المرأة المسلمة سمعنا الآن أن هناك -وقد رأينا- عباءات مطرَّزة، هذه لم تعد عباءة، ولم تعد حجاباً، هذا الحجاب أصبح فتنة.

وسمعنا الآن أن نساءً يلبسن كاباً، ما هو الكاب؟! الكاب: مثل ثوب الرجل، ترى صدر وثدي المرأة، وكتفيها، ورقبتها، ومؤخرتها، لا يصلح هذا، لا بد من عباءة من رأسها إلى قدميها، بحيث لا يدري الناس ماذا تحته، فقط يرون شكلاً أسوداً؛ لكن الكاب يفصِّل المرأة، وترى كل شيء في المرأة، بدلاً من أن تلبس الثوب الأحمر، أو الأخضر، فلتلبس الثوب الأسود، هذا هو الأصلح، وبعضهنَّ تلبس شيئاً مثل البِشْت على رقبتها كأنها رجل، لا بد أن تلبس العباءة من فوق رأسها إلى أسفل قدميها وتسحبها؛ لأن بعض النساء الآن بدأن يرفعن العباءات إلى نصف الساق، ونخاف من أن ترتفع إلى الركبة، الرجل يرخي ثوبه، والمرأة ترفع ثوبها، بالعكس، الله يأمرنا بأن نرفع ثيابنا، والنساء تسحب ذيلها؛ لكن نحن بالعكس؛ الرجل يرخي، والمرأة ترفع، لا حول ولا قوة إلا بالله! ولا تتبرج بعطر ولا برائحة، وتلزم جانب الطريق، إذا خرجت المرأة في أي طريق لا تلتفت، لا تطالع إلا في موضع قدمها؛ لأن الالتفات دليل الرغبة في التفات الغير، فإذا رأى الناس واحدةً تتلفت هنا وهنا قالوا: والله إنها تبحث عن شيء؛ لكن عندما يرونها ماشية في الطريق، لا تلتفت لا يميناً ولا يساراً؛ فإن الرجل يعرف أن هذه ماشية مستقيمة، هذه (لا تعرف اللف ولا الدوران).

فلا تلتفت، ثم تلزم جانب الطريق، وتلتصق بالجدار، ولا تسلم على أحد، ولا ترد السلام، لماذا؟ لأن صوتها فتنة.

هذا هو الحجاب الشرعي، وما سوى ذلك فهو مغالطة وكذب.

والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.