خامساً: من الفوائد: أن التطلع إلى المستقبل وما يحدث فيه أمر فطري عند الإنسان، فالإنسان يجد في نفسه رغبة ملحة وشديدة في أن يعرف الكائنات والأحداث التي سوف تحدث للإنسان في المستقبل، ولذلك فإن الناس قبل الإسلام كانوا يعتمدون على الكهنة والسحرة والعرافين ويطلبون منهم أخبار المغيبات، فجاءهم الله بالحق الذي ليس فيه باطل، وذلك عن طريق الوحي من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أولئك فإنهم كذبة لا يعرفون الغيب وإنما يسترقون السمع فيكذبون على الكذبة الواحدة مائة من الكذبات، ثم يخبرون بها الناس، والناس يصدقونهم، فيما يسمونه بخط الرمل، وهو التنجيم، وطرق الحصى وهو الحساب، والنظر في المرآة وهو -والعياذ بالله- يسمونه قراءة ما في الغيب، وحظك -كما يأتي في بعض الصحف- حظك في هذا الشهر.
شخص من الناس قال: والله -يا أخي- إن شخصاً رآني في الشارع وقال: أرني يدك؟ يقول: فأعطيته يدي، فنظر فيها وقال: خيراً إن شاء الله، قلت: خيراً ماذا هناك؟ -والولد مسكين ضعيف ما عنده عقيدة- قال: بينك وبين أحد أقاربك عداوة، وهو يخطط لك في قضية خطيرة، وبعد أسبوعين سوف يأتيك خبر مفرح، وحصل في قلبك حزن قبل فترة ليست ببعيدة، فالولد صادف أن هذه الثلاث عنده، فأحد أبناء خاله تخاصم معه قبل أيام، وصار له حزن قبل أيام، وأيضاً يتوقع هو أن ينجح في الدور الثاني؛ لأنه يذاكر والدور الثاني في ثلاثة وعشرين، فجاء الولد المسكين وأنا خارج من المسجد، فقال: يا شيخ! قلت: نعم.
قال: شخصٌ قبض يدي، وقال لي أخباراً كلها صحيحة.
قلت: ماذا قال؟ قال: قرأ في كفي.
قلت: أقرأها أنا؟ فعندما قرأت لم أجد فيها شيئاً.
قلت: ما في كفك شيء يا أخي.
قال: لا.
بل قرأه.
قلت: أهو عالم؟ قال: لا.
بل رجل عادي، قلت: وماذا مكتوب في كفك إنجليزي أو عربي أو عبري؟ ما مكتوب شيء؟ قال: لكنه قرأ.
قلت: قرأ على عقلك، يعني لبس عليك، وكذب عليك.
فهو كشخص يأتيك بورقة بيضاء ما فيها ولا شيء، ويقول: أقرأ عليك تعميماً، فتقول: قلت: ماذا قال لك؟ قال: يقول: إن شخصاً تخاصمت معه من أقاربي وأغضبني، قلت: كل الناس يتشاجرون مع أقاربهم، ومن الذي لا يتشاجر هو وأقاربه، حتى أنت وامرأتك تتشاجرا كل يوم وكل أسبوع، قال: وقال لي: إنه سوف يأتيني شيء مفرح، قلت: وفعلاً في المستقبل يأتيك شيء تفرح فيه إن شاء الله؛ لأن الحياة تتقلب بين حزن وفرح، وقال: إن شيئاً أحزنني قبل أيام وكذلك كل الناس يأتيهم حزن في الماضي أو المستقبل، ويأتيهم فرح في الماضي أو المستقبل.
ومرة جاءني شخص من كبار السن وقال: قرأت حظي في مجلة الأسبوع العربي حظك في هذا الشهر، قلت: ماذا فيها؟ قال: ستشعر بعد فترة بألم في ركبك، قلت: كم عمرك؟ قال: ستين سنة، قلت: طبيعي الروماتيزم سيأتيك في ركبك غصباً عنك، كل كبير يأتيه في ركبه شيء، فهذا الكذب وهذا الدجل الذي يضحكون به على عقول الناس هو جزءٌ من تلبية احتياجات الناس في كشف المغيبات، والله قد كشف لنا المغيبات بما هو حق، ألا وهو خبر أشراط الساعة.