للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المداومة على ذكر الله]

الثالثة من علامات أو أسباب محبة الله، وأريدكم أن تحفظوها -يا إخواني- لأننا نريد مناهج عملية لا نريد ندوات، ولهذا أنا أحرص باستمرار في الكلمات أن آتي بواحد، اثنين، ثلاثة، أربعة؛ من أجل أن يخرج الواحد بشيء يفيده.

الأول شيء: قراءة القرآن.

الثاني: كثرة النوافل.

الثالث: دوام ذكر الله؛ لأنك إذا ذكرت الله ذكرك الله، وإذا ذكرك الله أحبك، يقول الناظم:

وداوم ذكره في الأرض دوماً لتذكر في السماء إذا ذكرتا

وفي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله يقول: (أنا مع عبدي ما ذكرني أو تحركت بي شفتاه، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة، وكنت إليه بكل خير أسرع).

فأكثر من ذكر الله، واجعل لسانك حياً، لما جاء عبد الله بن بشر رضي الله عنه -والحديث في سنن الترمذي - وقال: (يا رسول الله! كثرت عليّ شرائع الإسلام فأخبرني بعمل أتشبث به، واخفف عليّ -يقول: لا تكثر، شيبة ومعلوماته محدودة، ويريد الجنة، وكثرت عليه الأوامر- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله).

وهذا من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أنه إذا كان دائماً مع الله هل سيترك الفريضة؟ هل سيعصي الله؟ هل يزني وهو يذكر الله؟ هل يأكل حراماً وهو يذكر الله؟ كلا فقد أعطاه القيد، أعطاه السور العام للإسلام وهو: كثرة الذكر، فإن ذكر الله كان معه، فأكثر من ذكر الله تبارك وتعالى، ولا تفتر من ذكر الله، وطبعاً الذكر كما سبق أن قلت للإخوة ليس مجرد الذكر اللساني فقط، وإنما ذكر أوامر الله بالإتيان بها، إذا أذن وأنت في البيت وقمت إلى الصلاة كنت ذاكر لله، لكن إذا أذن وأنت في البيت وجلست سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله ولكن لم تأت لتصلِ فأنت كذاب، أتسبح الله وأنت قاعد في البيت؟ فاذكر الله وتعال للصلاة؛ لأن الله يقول: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:١٤] فلا ينفعك أن تذكر الله بلسانك وأنت تعصي الله بجوارحك، هذا ذكر الله عند ورود أمره، وذكر الله عند نهيه، إذا رأيت وأنت ماشٍ في الشارع امرأة متبرجة وغضضت بصرك؛ فأنت ذاكر لله، لكن لو تلفت فيها وقلت: سبحان الله والحمد الله، فأنت: كذاب، تذكر الله بلسانك وعينك في الحرام.

فعليك أن تذكر الله عز وجل في كل الأحوال والمناسبات، في دخولك المسجد -بعض الناس يدخل المسجد فيقدم رجله اليسرى، ويدخل الحمام فيقدم رجله اليمنى، فيجعل المسجد حماماً والحمام مسجداً، فهذا خطأ، فهناك آداب في الشرع يا أخي! إذا أتيت المسجد قف أولاً، واعرف أن المطلوب منك أن تقدم رجلك اليمنى، وإذا أردت أن تقدم رجلك اليسرى، والعكس في الحمام، إذا أردت أن تدخل أن تقدم رجلك اليسرى، وإذا خرجت أن تقدم رجلك اليمنى.

بعد ذلك هناك ذكر حين تدخل المسجد: باسم الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واغفر لي ذنوبي، وإذا خرجت تقول: باسم الله، اللهم افتح لي أبواب فضلك -هنا رحمة وخارج فضل- واغفر لي ذنوبي، أما في الحمام فعندما تدخل تقول: باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الشيطان الرجيم، والخبث والخبائث.

وإذا خرجت تقول: غفرانك، الحمد لله الذي أخرج مني الأذى وعافاني.

هذه أذكار لا بد أن تتعلمها واحدة واحدة.

أما إذا جئت تنام، ماذا تقول وأنت على جنبك؟ إذا أتيت تستيقظ ماذا تقول؟ إذا لبست ثوبك ماذا تقول؟ إذا سمعت الرعد ماذا تقول؟ إذا سمعت نزول مطر ماذا تقول؟ إذا هبت الرياح ماذا تقول؟ إذا صاح الديك ماذا تقول؟ إذا نهق الحمار ماذا تقول؟ كل شيء فيه ذكر، إذا عرفت هذا كله تصير ذاكراً لله {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب:٣٥] هذا ذكر الأحوال والمناسبات.

الرابع: ذكر العدد، وهو الذي طلب الشرع منك أن تذكره بعدد معين، مثل: (من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة في يوم؛ غفر الله له ذنوبه ولو كانت كعدد رمل عالج، أو كعدد ماء القطر، أو عدد ماء البحر) إذا قلت مائة مرة كل يوم: سبحان الله وبحمده، هذا في صحيح مسلم، والحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: (من قال عقب كل صلاة: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ثم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفر الله له ذنوبه ولو كانت كزبد البحر) بعد كل صلاة: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، الله أكبر ثلاثاً وثلاثين، هذه عدها واحد من الإخوان فوجدها تأخذ دقيقة وأربعين ثانية؛ لأنه كان هناك ساعة أمامه.

طبعاً يقولها بإخلاص، إذا قالها بغير إخلاص لا تنفعه، سبحان الله والحمد لله والله أكبر، سبحان الله والحمد لله والله أكبر، يقولها في دقيقة وأربعين ثانية، ويغفر الله له ذنوبه إن شاء الله، ولكن بشرط يقولها الآن بعد العشاء ويقولها في الفجر لا يستعجل الفجر ويذهب من أجل أن ينام، ويقولها في الظهر لا يستعجل لكي يذهب السوق أو يذهب إلى العمل، ويقولها في العصر، كل صلاة (من قال عقب كل صلاة) وإذا داومت عليها عقب كل صلاة أحيا الله قلبك، وحببك إليه، فكثرة ذكر الله -أيها الإخوة- مطلوبة جداً.

ودوام ذكر الله في كل الأحوال، هذه ثلاثة أسباب من أسباب حصول محبة الله عز وجل، يبقى سبعة لا يتسع المقام لذكرها على التفصيل ولكني أذكرها بالإجمال وهي: