لقد حذرنا الله عز وجل من اتباع الهوى في القرآن العظيم في آيات كثيرة: يقول الله عز وجل عن بلعام بن باعوراء -رجل من بني إسرائيل كان من عباد الله الصالحين، أوتي العلم، لكن ما اتبع مولاه، بل اتبع هواه- فالله عز وجل ضرب به مثلاً كالكلب، يقول الله:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ}[الأعراف:١٧٥] أي: على أمتك، أخبرهم بنبأ ذاك {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا}[الأعراف:١٧٥] أي: الدالة علينا، فماذا حصل؟! {فَانْسَلَخَ مِنْهَا}[الأعراف:١٧٥] ما قال الله: فتَرَكها، لا.
بل {فَانْسَلَخَ}[الأعراف:١٧٥] والانسلاخ من الشيء أي: تركه إلى الأبد، الآن إذا ذبحت لك شاةً وسلخت جلدها، ما معنى سَلْخِ جلدِها؟ معناه: لن يعود عليها أبداً بأي حال من الأحوال، ما قلتُ: أنا وضعتُ ثوبها، وأنت إذا خلعت ثوبك هل تقول: أنا سلختُ ثوبي؟! لا.
بل تقول: خلعتُ، بمعنى: أنه قابل لأن أغسله وأرده؛ لكن إذا سلختَ جلد الشاة فلن يرجع عليها.
وكذلك هذا الرجل انسلخ من الدين بقصد ألا يعود إليه، قال الله عز وجل:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا}[الأعراف:١٧٥] فماذا حصل؟! {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ}[الأعراف:١٧٥] لما انسلخ من آيات الله تسلط عليه الشيطان، ما كان يستطيع الشيطان عليه وهو معتصم بالله؛ لكن لما انسلخ عن آيات الله قال الله:{فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ}[الأعراف:١٧٤ - ١٧٥] وماذا؟! {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}[الأعراف:١٧٦] بئس مثل القوم والعياذ بالله.