للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأمن والاستقرار من ثمار تطبيق الحدود]

وهذه المجتمعات أيها الإخوة: كالأجساد إذا عولجت أمراضها بعلاج الله الرباني الذي شرعه في كتابه بقطع دابر الفساد، والقضاء على الجرثومة من أولها سلمت المجتمعات.

وهاهو واضحٌ أمام أعينكم ما تعيشونه من أمن واستقرار في هذه البلاد المباركة بسبب تطبيق شريعة الله، وما قُطعت رقاب الناس كلهم، فكم يقطع في السنة؟ لا شيء، تظلون سنين وأياماً لا ترون قطعاً ولا ترون قتلاً، لماذا؟ لأن كل واحد يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على القتل، ويفكر ألف مرة قبل أن يقدم على السرقة، أو الزنا، فالسارق يعرف وهو يسرق أنه سيقبل يده وينظر إليها نظرة وداع، لن يراها إلا في الآخرة فيقول: لا والله إن يدي أغلى من السرقة، وإذا كان يريد أن ينتقم من عدو أغضبه أو من زميل جرحه فيفكر وهو يريد أن يقتل أنه غداً مربوط في الخشبة، وأن السيف ينسف رأسه، وأن البندقية تخرق بطنه وتخرج كبده أمامه فيقول: لا أفعل الجريمة، لكن لو لم توجد شريعة فإنه لمجرد أي غضب يقتل، يقول: يا شيخ! اقتله والدية في الجيب والجماعة كثير، والواسطة كبيرة كما يحصل في بعض البلدان، يا شيخ اسرق وأعط المسئول من السرقة وسوف تمشي الأمور بيسر، وبالتالي تزهق الأرواح يوم أن نرحم روحاً واحدة ويوم أن نرحم سارقاً واحداً تنهب الأموال كلها، وتسفك الدماء وتنتهك الأعراض ويعيش الناس في قلق وفوضى وخوف وعدم أمن لتعطيل علاج الله الذي عالج الله به أمراض هذه المجتمعات.

ويقول لي أحد الإخوة الزملاء في العمل وقد سافر ليقضي إجازته في تركيا -من الإخوة الوافدين- يقول: جلست شهراً متنقلاً بين الشام وتركيا وأنا في قلق، يقول: والله ما عرفت طعم النوم وراحته وأمنه إلا عندما دخلت وتجاوزت حدود السعودية، وجئت ووقفت بسيارتي على جنب ونزلنا وفرشنا أنا والأولاد ونمنا نومة ما لي بها عهد، قلت: لماذا؟ قال: كنت أنام وأنا خائف، أنام وأنا منتظر من يذبحني ويأخذ حقي، يقول: ولو رأى في جيبي علبة دخان لظنها دولارات، لكن لما دخلت السعودية، السيارة مفتوحة وأنا نائم وأولادي نيام ولا يأتيني شيء، لماذا؟ لأسباب العلاج العظيم الذي شرعه الله عز وجل لتطهير المجتمعات.

وإن من أعظم نعم الله على هذه الأمة أن كشف الله لها أمر هؤلاء المجرمين الذين خططوا ودبروا من أجل إرهاب عباد الله الآمنين في بلد الله الآمن في شهر الله الآمن المحرم، بينما حجاج بيت الله من كل أرض من أقصاها إلى أقصاها، كل مسلم يجهز لنفسه مالاً حلالاً، ويتحلل من التبعات، ويستسمح أهل الحقوق، ويأخذ معه كتب العلم، ويسأل كيف يؤدي هذه الشعيرة، ويأتي إلى هذا المكان الطاهر من أجل أن يطوف بالبيت، ويقف بـ عرفات، ويسعى بين الصفا والمروة، ويرمي الجمار، وهو مبتهل إلى الله، خائف منه، يرجو رحمة الله ويخشى عقاب الله، كان هؤلاء المجرمون يجهزون الألغام والمتفجرات ويتدربون عليها نظرياً وعملياً، ويحملونها ويهربونها ويدخلون إلى بيت الله الحرام باسم حجاج يأتون إلى بيت الله، ويبحثون عن الحرم الشريف من كل جانب ليختاروا المكان الذي يستطيعون أن يفجروا فيه، ماذا يفجرون؟ يفجرون ويقطعون أجساد المسلمين، يذبحون المؤمنين عند أعظم مكان حرم فيه حتى ذبح الحمامة، تنظرون الحمام بالحرم لا أحد يجرؤ على صيدها، الحمام من ذبحها يذبح بدلاً منها شاة فدية، فكيف بذبح مسلم؟ كيف بترويع مسلم؟ كيف بتفجير منطقة من أجل أن تأخذ الناس وتزعزع أمنهم وتلطخ بهم الجدران، وتقطعهم، وتسيل دماءهم من أجل ماذا؟