يوم الخلود إما في الجنة أو في النار؛ لأن الناس يصيرون في ذلك اليوم إلى الخلود، ليس هناك فناء كما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:(يؤتى يوم القيامة بالموت على هيئة كبش أملح فيجعل بين الجنة والنار، ثم ينادي: يا أهل الجنة تعرفون هذا؟ قالوا: نعم.
هذا الموت -مررنا عليه وعرفناه ولا ينكره أحد- ويا أهل النار تعرفون هذا؟ قالوا: نعم.
هذا الموت، فيذبح الموت بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت).
يقول أهل العلم: إن هذا الكلام بالنسبة لأهل الجنة أعظم نعيم، لماذا؟ يطمئنهم أنهم خالدون وليس هناك خروج أبداً، وهذا الكلام على أهل النار أعظم عذاب، لماذا؟ ليس هناك أمل للخروج؛ لأن أهل النار وهم في النار عندهم أمل أن يخرجوا، مثل السجين الذي عنده أمل في الخروج، لكن إذا قيل له: سجنه مؤبد، انقطع أمله، يتمنى السجين أن يقال له: تموت، ولا يقال له: تؤبد؛ لأنه يموت حقيقة، هو يموت لكن في قبر فوق الأرض، ممنوع من كل شيء، وهؤلاء في النار لا يموتون أيضاً:(خلود فلا موت)، فيكون عليهم هذا الكلام أعظم من كل عذاب.
يقول الله لأهل الجنة:{ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ}[ق:٣٤] والنار يقول فيهم: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:٣٩] وأما أهل الإيمان فيقول الله فيهم: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[آل عمران:١٠٧].
وهذا الكلام يدفعك إلى أن تصحح الوضع الذي أتت فيه، وتغير منطق التعامل مع نفسك ما دام أن خلودك في النار من أجل المعاصي، وتساءل عن الخلود في النار أو الجنة، هل أنا تخلدت في المعاصي أو الطاعات؟ لا.
خلودك في الطاعات غير موجود مهما صليتَ فسوف تموت وتتركها، لكن من فضل الله أن يعطيك جزاءً خالداً، مع أنك ما عبدت الله بشكل خالد دائم، وكذلك بالمقابل الخلود في المعاصي: إذا خلدت نفسك في المعاصي فإن الله يخلدك في النار، وما دام أن القضية خلود في جنةٍ أو نار، فلا ينبغي لك أن تجازف من أجل شهوة عاجلة أو لذةٍ -والعياذ بالله- فانية تريحك في الدنيا، ثم تلقى الله وهو عليك ساخط، فيشقى -البعيد- شقاءً لا يسعد بعده أبداً.