للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية المسارعة إلى الاستجابة والصبر عن المعاصي]

هذه الدعوة لك يا أخي المؤمن أن تصبر على وعورة الطريق، واستهزاء المستهزئين، وآلام ومعاناة ترك المعاصي، إذا أردت أن تترك الغناء لن تكون هذه الخطوة سهلة عليك، ستحس برغبة وشوق إلى سماع أشياء قد تعودتها، لكن قل لنفسك: أريد أن أسمع كلام الله في الجنة، أريد أن أسمع خطاب الحور العين في الجنة، أريد أن يسلم علي الله، ويقول: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٤] أنا أضحي بالأغاني هذه في سبيل تلك الدار الخالدة، ولما أجري مقارنة أجد أن الفرق شاسع والبون عظيم، لكن يحتاج إلى صبر، قال عز وجل: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون:١١١]، ثم يُخاطب أهل النار، فيقال لهم: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون:١١٢] كم بقيتم في الدنيا حتى ضيعتم طاعة الله، وطال عليكم الأمد، لأنكم تقيسون الآخرة على الدنيا، يوم الآخرة خمسون ألف سنة، والدنيا ستون سنة فهي أقل بكثير من يوم: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [المؤمنون:١١٣] يقولون: نحن لسنا متأكدين فهل مكثنا يوماً أو بعض يوم: {فاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون:١١٣] أي: الذين عندهم تسجيل وعدد، فيقول الله لهم: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً} [المؤمنون:١١٤] والله ما نلبث في هذه الحياة إلا قليلاً قياساً على الآخرة {لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون:١١٤ - ١١٨].

لا بد يا أخي أن تستجيب لأمر الله؛ فقد سمعت الكثير، وقامت عليك الحجة، ما بقي عليك إلا أن تقول: إليك يا رب! تائباً مستسلماً منيباً، لا تتردد ولا تؤجل؛ لأنك ربما تموت اليوم، بعض الناس يقول: أنا ما زلت شباباً، يا أخي! كم مات من الشباب مثلك، آلاف من الشباب ماتوا، فهل عندك ورقة أنك لن تموت إلا بعد عشرين سنة، فإذا كان عندك صك بهذا فنقول لك: ما عندنا مانع، ونقول: أخِّر التوبة وقبل الموت بيوم أو يومين تهيأ واستعد، أما ما دام عندك علم بأنك ستموت والموعد مجهول، ما تدري متى الموت فكن دائماً على أهبة الاستعداد، فإن مد الله في أجلك كان لك بكل يوم تعيشه درجة في الجنة، وإن فاجأك القضاء والقدر فإنك لن تتأسف ولن تندم ولن تقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:٩٩ - ١٠٠].

فتب يا أخي من الآن وصحح المسار، ومن تاب من الذين قد هداهم الله في الماضي والتزموا بدين الله فعليهم الثبات، إذا عرفت الهداية فلا تلتفت عنها لأنك قد ترجع، الآن سلكت الطريق إلى الله، والله يقول: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:١٥٣] فلا تلتفت يميناً ولا شمالاً ولا تتوقف؛ لأنك إذا توقفت لحقك إبليسُ وردك، ولكن سِرْ إلى الله بالليل والنهار، بالسر والجهر، حرصاً على طاعة الله، ومحافظة على فرائض الله، وتلاوة دائمة لكتاب الله، وملازمة للذكر، ومتابعة لحلق العلم، وأمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر، ودعوة إلى الله، وحباً في الله، وبغضاً في الله، وطاعة للوالدين.