للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم السفر إلى بلاد الكفار للسياحة]

السؤال

في هذه الأيام، أيام العطلة يسافر الكثير إلى بلاد الكفر، فهل من كلمة لمن أراد السفر؟

الجواب

العطلة نعمة، يقول عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) فنحن مغبونون في هذه النعمة: عافية، وشباب، ومدرسون، وطلاب، وثانويات، وجامعات، وصحة، وفراغ ثلاثة أشهر، كيف تقضي هذه الأشهر الثلاثة؟ تقضيها بما يرضي الله، إما أن تلتحق بالمراكز الصيفية حتى تنتفع بما يلقى فيها من خير، تمارس فيها أنشطة، وأعمالاً صالحة، أو تذهب إلى الحج والعمرة، أو تزور رحمك إذا كان في الجنوب أو الشمال أو الرياض أو أي منطقة، أو تمارس بعض الأعمال السياحية المباحة، كزيارة بعض المناطق الطيبة والجميلة في بلادك، أما أن تحجز وتسافر من أجل أن تفسد خارج البلد، وترجع وقد ضيعت دينك فهذه مصيبة.

فنحن نحذر كل إنسان من أن يسافر، فهناك فتن صانك الله منها فلماذا تراها؟ ولماذا تترك ولدك وامرأتك وابنتك يرونها، وتحجز لأهلك كلهم؟ فإذا كان عندك أربعين أو خمسين ألفاً فأرسلها لإخوانك في البوسنة والهرسك الذين يموتون جوعاً الآن، أو أرسلها إلى إخوانك المجاهدين الأفغان الذين يحتاجون إلى كل ريال بعد قيام دولة الإسلام عندهم، أو استأجر لك شقة عند الحرم واجلس صلِّ الصلوات الخمس في الحرم، فالشقة لمدة عشرة أيام أو عشرين يوماً تأخذها بخمسة آلاف أو ستة آلاف ريال، وأدرك كل تكبيرة في الحرم، وفي الصف الأول، أو الصف الثاني، فهي لك بمائة ألف تكبيرة، وهذا أحسن من أن تكون على شواطئ، وأنهار، و (بلاجات) ومسارح، ومراقص، ومخامر وفساد، فلا ترجع إلا وقد صب الله عليك من الغضب مثل الجبال الرواسي، الله ينعم عليك وأنت تحارب الله بنعمه، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (إني أنا والجن والإنس في خبر عظيم، أخلقهم ويعبدون غيري، وأرزقهم ويشكرون سواي، خيري إليهم نازل، وشرهم إليَّ صاعد، أتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إليَّ بالمعاصي).

أترون أن النعمة التي نحن فيها تستمر مع المعاصي؟ والله لا تستمر، وعندي من التاريخ شاهد على هذا اليمين، وعندي من القرآن شاهد، يقول الله عز وجل: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:٧] ويقول في قصة سبأ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ} [سبأ:١٥] يقول لهم الناصحون: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ:١٥] ونحن نقول لأهل هذه البلاد: كلوا من رزق ربكم واشكروا له.

تدخل السوق فتملأ سيارتك، من كل ثمار الدنيا، وتدخل (السوبر ماركت) تملأ العربية من كل ثمار وملذات ومتاع الدنيا، وتعطيه ورقة، كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة، هل في الدنيا بلد أطيب من هذه البلاد؟ ورب غفور يغفر الذنب العظيم، قال الله: {فَأَعْرَضُوا} [سبأ:١٦] أي: رفضوا وركبوا رءوسهم، حجز وسافر، وزنا، وسكر، {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ:١٦] فاكتسحهم واقتلع بلادهم وحروثهم وزراعتهم من أرضها، ثم قال: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ} [سبأ:١٦] بدل الجنان الوارفة والثمار الدانية جنتين، ماذا فيهما؟ {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ:١٦] (خمط) أي: الشوك، (وأثل) وهو الشجر الذي ترونه فليس له ثمر، (وشيءٍ من سدر قليل) أي: النبق، فهذا هو الفاكهة، فليس عندنا برتقال أبو سرة، ولا تفاح أبو لمعة، ولا موز أبو نقطة، والله لا نعرف هذه، إلا فيما بعد حين فتح الله الخير عندنا.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.