عندما استجاب النبي صلى الله عليه وسلم للأوامر الربانية التي صدرت له من الله بتبليغ الرسالة، جاءت هذه الآيات في أول الوحي واضحة من قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}[المدثر:١ - ٧] هذه الآيات من أوائل ما نزل.
الرسول صلى الله عليه وسلم نُبئ بإقرأ، وأُرسل بالمدثر، فكانت بداية النبوة والوحي:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:١] وفي المرة الثانية نزلت هذه سورة المدثر: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:١ - ٢] أُرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات، وقد لخصت هذه الآيات رغم قصر عباراتها، ورغم اختصارها، وهذا كله في الآيات المكية، والذي يقرأ القرآن يلاحظ أن الآيات التي نزلت في مكة تتميز بقوة العبارة وبقصرها واختصارها، بينما الآيات التي نزلت في المدينة تتميز بالإطالة والإطناب في بيان أحكام الشرع، فالآيات الطوال كلها آيات المدينة، بينما المكية كلمتان أو ثلاث فقط:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:١] المقام لا يقتضي التطويل، إنما يقتضي كلمات معدودة، في تكليف محدود، وفي عمل مشروع، وكانت هذه البداية.